ممّا لا يصغى إليه بعد وضوح مراده وظهور كساده ؛ لما عرفت من عدم ما يقضي (١) بالتخصيص عنوانا وتمثيلا واستدلالا بعد اتّحاد المناط في الكلّ وعدم معقولية التفرقة بينهما بدون ذلك.
تذنيب
هل النزاع في حجّية الاستصحاب من جهة الظنّ أو من حيث إنّها قاعدة تعبّدية وإن لم يفد (٢) ظنّا في موارده أبدا فعلى الأوّل يكون كسائر الأدلّة الاجتهادية الكاشفة عن واقع مدلولها ، وعلى الثاني يكون كالبيّنة واليد ونحوهما من التعبّديات؟ فنقول : لا إشكال في قابلية وقوع النزاع على كلّ من الوجهين مع قطع النظر عن مذاقهم ومشربهم.
فعلى الأوّل يحتمل (٣) أن يراد بالظنّ المبحوث عنه الظنّ النوعي ؛ إذ من الواضح الجليّ أنّ الاستصحاب يفيد الظنّ فيما لم يكن له من الخارج ما يوهن الركون إلى الحالة السابقة كغيره من وجوه الأدلّة الاجتهادية ، وأن يراد به الظنّ الشخصي ؛ لأنّه الظاهر منه في بادئ الرأي ، ويوافقه ظهور جملة من الحجج ، بل صرّح بدورانه مداره شيخنا البهائي في الحبل المتين حيث قال : لا يخفى أنّ الظنّ الحاصل بالاستصحاب فيمن تيقّن الطهارة وشكّ في الحدث لا يبقى على نهج واحد ، بل يضعّف بطول (٤) المدّة شيئا فشيئا ، بل قد يزول الرجحان ويتساوى الطرفان ، بل ربّما يصير الطرف الراجح مرجوحا ، كما إذا توضّأ عند الصبح ـ مثلا ـ وذهل عن التحفّظ ، ثمّ شكّ عند الغروب في صدور الحدث منه ولم يكن من عادته البقاء على الطهارة في ذلك الوقت ، والحاصل أنّ المدار على الظنّ ، فما دام باقيا فالعمل عليه وإن ضعف (٥) ، انتهى كلامه.
__________________
(١) « ج » : يقتضي.
(٢) « ج » : تفد.
(٣) « ج ، م » : فيحتمل.
(٤) « ج » : لطول.
(٥) حبل المتين ١ : ١٦٤ ، وفي ط الحجري : ٣٧.