يخفى.
وقد يظهر من بعضهم أيضا تقديم الحقيقة على المجاز مع القرينة الصارفة فيما إذا دار الأمر بين التصرّف فيما هو ظاهر وضعا وبين ما هو ظاهر بواسطة القرينة ، فإن أريد بذلك أنّ العرف يحكمون بالتقديم (١) فهو مسلّم فيما يساعده العرف إلاّ أنّ المدّعى اطّراد ذلك ، وهو ممنوع كيف ومرجعه إلى دعوى أقوائية الظهور (٢) الناشئ من الوضع من الظهور الناشئ من القرينة؟ وفيه : أنّ المجاز مع القرينة يعامل معه معاملة الحقيقة من غير فرق.
والسرّ فيه أنّ القرينة إمّا لفظية ، أو غير لفظية ، والثاني (٣) إمّا قطعية ، أو ظنّية ، لا كلام في الثاني ؛ لعدم اعتبار الظنّ الغير (٤) المستند إلى لفظ في استكشاف المرادات ، فلا يجوز طرح أصالة الحقيقة في قبال أمثال هذه الظنون ممّا لا يعتبرها العقلاء في استكشاف مطالبهم من عبائرهم ، وعلى تقدير اعتبارها فالأمر يدور مدار أقوائية الظنّ ولا عبرة بمجرّد الاستناد إلى الوضع كما هو ظاهر.
وأمّا القطع فالأمر فيه ظاهر لا ريب في تقدّمه على غيره ، فلا يجوز (٥) طرح المقطوع في قبال أصالة الحقيقة المعمولة في الحقيقة المقابلة لهذا المجاز المقطوع.
وأمّا الأوّل فالقرينة اللفظية لا بدّ وأن يكون ظهورها مستندا (٦) إلى الوضع ، كما في « يرمي » من قولك : « أسد يرمي » ، وعند التأمّل يعلم أن لا معارضة بين نفس المجاز والحقيقة وإنّما التعارض في الواقع بين القرينة الصارفة وبين الحقيقة والمفروض استناد الظهورين كليهما (٧) إلى الوضع ، والحكم بتقديم أحدهما على الآخر تحكّم.
__________________
(١) « د » : بالتقدّم.
(٢) في النسخ : ظهور.
(٣) المثبت من « د » وفي سائر النسخ : فالثاني.
(٤) المثبت من « س » ، وفي سائر النسخ : المغيّر.
(٥) « د » : إذ لا يجوز.
(٦) « س ، ج » : مستندة.
(٧) في النسخ : كلاهما.