الأولى : أن يكونا نصّين ، كما إذا ورد عامّ كقولنا : « أكرم العلماء » ثمّ ورد بعد ذلك خاصّ ، ثمّ خاصّ آخر ، فإن كانت النسبة بين الخاصّين تباينا كما إذا كان أحدهما « لا تكرم زيدا » والآخر « لا تكرم بكرا » فلا إشكال في عدم ملاحظة الترتيب بمعنى أنّه لا يتفاوت الحال في ذلك ، سواء اعتبر التخصيص بهما دفعة واحدة ، أو اعتبر التخصيص بأحدهما مقدّما على الآخر ، فإنّ العامّ المخرج منه فرد بعد باق على عمومه بالنسبة إلى فرد مباين للفرد المخصّص ، فيخصّص بالآخر أيضا من غير إشكال ، فإن كانت النسبة بينهما عموما وخصوصا مطلقا كقولك : « أكرم العلماء ، ولا تكرم الفقهاء ، ولا تكرم فقهاء البصرة » فإن اعتبرنا التخصيص (١) بأعمّ المخصّصين فلا إشكال ؛ لعدم التنافي بينه وبين الأخصّ ، فيكون مؤكّدا والنسبة باقية بحالها ، وإن اعتبرنا التخصيص بالأخصّ مقدّما فتقلب النسبة بين العامّ الأوّل والمخصّص العامّ عموما من وجه لتعارضهما (٢) في فقيه غير البصرة واختصاص العامّ بالأصولي واختصاص الخاصّ بفقيه البصرة.
ومثله ما إذا كانت النسبة بينهما عموما وخصوصا من وجه كقولك : « لا تكرم الأصوليين » و « لا تكرم الفقهاء » بعد قولك : « أكرم العلماء » فإنّ ملاحظة الترتيب توجب انقلاب النسبة بعد التخصيص بأحدهما إلاّ أنّ الواقع عدم ملاحظة الترتيب بينهما ، بل يجب التخصيص بهما دفعة ؛ لأنّهما قرينتان على التخصيص في العامّ وملاحظة الترتيب بينهما ترجيح من غير مرجّح ؛ لتساويهما في الكشف عن المراد من لفظ العامّ ولا مدخل للسبق واللحوق في ذلك ولا في العلم بأحدهما قبل الآخر.
نعم ، قد (٣) يجب ملاحظة الترتيب فيما إذا كان لتقديم (٤) أحد التخصيصين مرجّح مع تفاوت الحال في ملاحظة الترتيب ، مثل ما إذا قيل : « أكرم العلماء » ثمّ بعد ذلك « لا
__________________
(١) « ج » : اعتبر بالتخصيص.
(٢) المثبت من « م » وفي سائر النسخ : لا لتعارضهما.
(٣) « ج » : ـ قد.
(٤) « د » : التقدّم.