الأصوليين » فالأقوى تقديم العلاج في الدلالة على العلاج في الصدور ؛ لأنّ العرف لا يتأمّلون في ذلك ولازمه تخصيص العامّ الأوّل بالخاصّ ، ثمّ تخصيص العامّ الثاني بالعامّ المخصّص ؛ لأنّه في نفس الأمر يكون المراد به الأخصّ ، وقد يحتمل القول باندراجه في الأخبار العلاجية لتباينهما ظاهرا ، كما أنّه قد يحتمل التفصيل بين ما كان الخاصّ دليلا لفظيا ، أو لبّيا فيحكم بالأوّل في الأوّل ، وبالثاني في الثاني ، إلاّ أنّ الأقوى هو ما عرفت.
هذا تمام الكلام في الصور الثلاثة المتفرّعة على ما إذا كان التعارض بين واحد من الأدلّة وبين الباقي.
وأمّا إذا كان التعارض بين الجميع (١) فالصور المفروضة فيما تقدّم جارية فيه أيضا ؛ إذ المعارضان منها (٢) بالنسبة إلى الثالث لا بدّ وأن يكونا على إحدى الصور ، مضافا إلى أنّ هذين المعارضين إمّا أن يكون أحدهما نصّا والآخر ظاهرا ، أو كلاهما ظاهرين ، فإنّ نصوصية كلّ واحد منهما بالنسبة إلى الآخر غير معقول.
الصورة الأولى : أن يكون المعارضان نصّين بالنسبة إلى الثالث مع ظهورهما في نفسهما أيضا ، كما في قوله : « أكرم العلماء ولا تكرم الفسّاق من العلماء ويستحب إكرام الأصوليين » فكلّ واحد من الأخيرين ينهض بتخصيص الأوّل ، ويعالج بينهما بما هو المعالجة لهما من الأخذ بالمرجّحات في الدلالة ، وإلاّ فالحكم بالإجمال.
الصورة الثانية : الأولى بحالها مع نصوصية أحد المتعارضين أيضا ، كما في قول القائل : « لا تكرم العلماء ، ويستحب إكرام الأصوليين ، ويجب إكرام الأصولي من أهل المشهد » فيحمل العامّ الأوّل على العامّ (٣) الثاني فيحكم بحرمة إكرام ما عدا الأصولي من العلماء ، وللعامّ الثاني على الخاصّ فيحكم بوجوب إكرام أصولي المشهد ، ولا
__________________
(١) هذا هو الوجه الثاني ، وتقدّم الأوّل منهما في ص ٥٦٧.
(٢) « ج ، د » : منهما.
(٣) « س » : ـ العام.