هداية
[ في المرجّحات الصدورية ]
بعد ما عرفت تحقيق القول في المرجّحات التي يتقوّى بها أحد الدليلين على الآخر دلالة لا بدّ من تحقيق الكلام في المرجّحات الصدورية ، وقبل الخوض في المطلب لا بدّ من أن يعلم أنّ الحكم برجحان أحد الدليلين على الآخر وإثبات الحكم الشرعي بأحدهما دون الآخر يحتاج إلى دليل ، وعند عدمه لا يجوز الحكم بالترجيح ؛ لأنّ عند عدم الترجيح فالحكم إمّا التخيير كما هو التحقيق ، أو التساقط والتوقف ، والمفروض إقامة البرهان من الطرفين على المذهبين ، فالأخذ بالترجيح على كلّ واحد من المذهبين بدون دليل ، يوجب طرح البرهان القائم على المذهبين بغير دليل ، وفساد ذلك أجلى من أن يبيّن.
وكيف كان ، فقد مرّت الإشارة منّا في الهدايات السابقة إلى أنّ المرجّحية كالحجّية تتوقّف على دلالة ، وعند عدمها يحكم بعدمها ؛ لأنّ الشكّ في ذلك يكفي في الحكم بعدمها ، فلا بدّ من الاقتصار على ما ثبت بدليل معتبر كونه مرجّحا مثل ما ورد في الأخبار العلاجية على تقدير انتهاضها عليها كما ستعرف ، إلى غير ذلك من وجوه الأدلّة الناهضة على الأخذ بوجوه التراجيح التي تعرف تفصيلها عن قريب إن شاء الله.