ولنبدأ بذكر الأخبار الواردة في هذا المضمار تيمّنا ، فنقول : إنّها كثيرة جدّا ، بل تبلغ إلى نيّف وثلاثين على ما حكي (١) ، إلاّ أنّ أظهرها دلالة وأشهرها رواية مقبولة عمر بن حنظلة ، وتتلوها في بعض الوجوه مرفوعة زرارة المرويّة في (٢) غوالى اللآلى ، فالأنسب هو إيرادهما والاكتفاء بهما عن غيرهما.
فقد روى المشايخ الثلاثة ، بل الأربعة ـ لوجودها في الاحتجاج (٣) أيضا ـ هذه الرواية ، ففي الكافى : محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسين عن محمّد بن عيسى عن صفوان [ بن يحيى ] عن داود بن حصين عن عمر بن حنظلة قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان أو إلى القضاة أيحلّ ذلك؟ قال عليهالسلام : « من تحاكم إليهم في حقّ أو باطل فإنّما تحاكم إلى الطاغوت ، وما يحكم له فإنّما يأخذه (٤) سحتا وإن كان حقّا ثابتا له ؛ لأنّه أخذه (٥) بحكم الطاغوت وقد أمر الله أن يكفر به ، قال الله عزّ وجلّ : ( يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ )(٦) » قلت : فكيف يصنعان؟ قال عليهالسلام : « ينظران إلى من كان
__________________
(١) قاله المحقّق القمي في القوانين ٢ : ٢٨٩ ، حيث قال : تنيف على ثلاثين وتقرب أربعين.
(٢) « د » : عن.
(٣) الكافى ١ : ٦٧ ـ ٦٨ ، باب اختلاف الحديث ، ح ١٠ ، و ٧ : ٤١٣ ، باب كراهية الارتفاع إلى قضاة الجور ، ح ٥ إلى قوله : « حدّ الشرك بالله » ؛ الفقيه ٣ : ٨ ، باب الاتّفاق على عدلين في الحكومة ، ح ٣٢٣٣ ؛ التهذيب ٦ : ٢١٨ ، باب ٨٧ ، ح ٦ وص ٣٠١ ، باب ٩٢ ، ح ٥٢ ؛ الوسائل ١ : ٣٤ ، باب ٢ من أبواب مقدّمة العبادات ، ح ١٢ ، و ٢٧ : ١٣ ، باب ١ من أبواب صفات القاضي ، ح ٤ ، وص ١٠٦ ، باب ٩ من أبواب صفات القاضي ، ح ١ ، وص ١٣٦ ، باب ١١ من أبواب صفات القاضي ، ح ١ ؛ الاحتجاج ٢ : ٢٦٠ / ٢٣٢ ط أسوة.
(٤) في المصدر : يأخذ ، وفي باب كراهية الارتفاع إلى قضاة الجور : فقال : من تحاكم إلى الطاغوت فحكم له فإنّما يأخذ سحتا.
(٥) « ج » وبعض نسخ الرسائل ٣ : ٥٧ : أخذ وفي المصدر في باب كراهية الارتفاع : حقّه ثابتا ؛ لأنّه أخذ.
(٦) النساء : ٦٠.