ومنها : أنّ الأمر بالإرجاء والتوقّف ممّا لا يصحّ على إطلاقه ؛ إذ ربّما لا يمكن ذلك ، فلعلّ ذلك ممّا يؤذّن باختصاص الرواية فيما يمكن تحصيل العلم فيه في أمثال أزمنة الأئمة عليهمالسلام (١). هذا تمام الكلام في المقبولة.
وأمّا المرفوعة فهي ما نسبها في القوانين إلى غوالى اللآلى مرفوعة إلى زرارة قال : سألت الباقر عليهالسلام فقلت : جعلت فداك يأتي عنكم الخبران والحديثان المتعارضان فبأيّهما آخذ؟ فقال عليهالسلام : « يا زرارة خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذّ النادر » فقلت : يا سيّدي إنّهما معا مشهوران مرويّان مأثوران عنكم؟ فقال : « خذ بما يقول أعدلهما عندك وأوثقهما في نفسك » فقلت : إنّهما معا عدلان مرضيّان موثّقان؟ فقال : « انظر إلى ما وافق منهما مذهب العامّة فاتركه وخذ بما خالفهم فإنّ الحقّ فيما خالفهم » فقلت : ربّما كانا معا موافقين لهم أو مخالفين فكيف أصنع؟ [ فقال : « إذا فخذ بما فيه الحائطة لدينك واترك ما خالف الاحتياط » فقلت : إنّهما معا موافقان للاحتياط أو مخالفان له فكيف أصنع؟ ] فقال : « إذا فتخيّر أحدهما وخذ (٢) به وتدع الآخر » وفي رواية : « فإذا فأرجه حتّى تلقى إمامك فتسأله » (٣).
والإنصاف أنّ هذه الرواية مع كونها قاصرة السند لكونها مرفوعة مع عدم ظهور حال الكتاب الذي رفعها فيه كما طعن فيه بعض من ليس له سجيّته الطعن في الروايات كصاحب الحدائق (٤) ، ممّا لا يغني عن شيء ؛ لعدم وضوح وجوه الترجيح المذكورة فيها عندنا ، كما أذعن الشيخ الجليل ثقة الإسلام في ديباجة الكافى (٥) بذلك
__________________
(١) من هنا سقط من نسخة « ج » قدر أربع صفحات تقريبا.
(٢) في القوانين والعوالى : فتأخذ.
(٣) القوانين ٢ : ٢٩٠ ؛ عوالى اللآلى ٤ : ١٣٣ / ٢٢٩ ـ ٢٣٠ وما بين المعقوفين منهما.
(٤) الحدائق ١ : ٩٩.
(٥) الكافى ١ : ٩. في هامش « م » : اعلم يا أخي ـ أرشدك الله ـ أنّه لا يسع أحد تمييز شيء ممّا اختلف الرواية فيه عن العلماء عليهمالسلام برأيه إلاّ ما أطلقه العالم بقوله : « اعرضوها على كتاب الله