والأقربية كما أومأنا إليه مرارا وأشار إليه أيضا محقّق القوانين (١) ، وهذا وإن كان قويّا إلاّ أنّه ربّما يمنعه مانع ويطالب على استكشاف ذلك من الأخبار بدليل ، فالأولى أن يقال : إنّ هناك (٢) إشعارات وتلويحات ينبّه بها البصير ويعترف بها الخبير على اعتبار مطلق الأقوائية ، فمن تلك ما يلوح من الأخبار المشتملة على لفظ « الثقة » و « الوثوق » كرواية الاحتجاج وغيره عن الحسن بن جهم عن الرضا عليهالسلام : يجيء الأحاديث عنكم متخالفة (٣)؟ قال عليهالسلام : « ما جاءك عنّا فقسه على كتاب الله عزّ وجلّ وأحاديثنا ، فإن كان يشبههما فهو منّا ، وإن لم يكن يشبههما فليس منّا » قلت : يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين فلم يعلم (٤) أيّهما الحقّ؟ فقال : « إذا لم يعلم (٥) فموسّع عليك بأيّهما أخذت » (٦).
وكرواية الغوالى « خذ بما هو أوثقهما » (٧).
وكرواية الاحتجاج أيضا في احتجاج أبي عبد الله عليهالسلام عن الحارث بن مغيرة ، قال : « إذا سمعت من أصحابك الحديث وكلّهم ثقة فموسّع عليك حتّى ترى القائم عليهالسلام [ فتردّه إليه ] » (٨) والتقريب في ذلك واضح حيث إنّ المعصوم عليهالسلام قد وكّل أمر الترجيح والاختيار في الأخبار على الوثوق ، ومن الظاهر أنّ مناط الوثوق هو الأقربية إلى الواقع ؛ ضرورة فساد احتمال التعبّد في الوثاقة وإن كان يمكن ذلك في العدالة ، ولذلك
__________________
(١) انظر القوانين ٢ : ٢٩٠ ، وما بعدها.
(٢) « د » : هنا.
(٣) في المصادر : تجيئنا الأحاديث عنكم مختلفة.
(٤) في المصادر : فلا نعلم ، وفي الوسائل : ولا نعلم.
(٥) في المصادر : لم تعلم.
(٦) الاحتجاج ٢ : ٢٦٤ / ٢٣٣ وسيأتي عنه في ص ٦٣٣ ؛ الوسائل ٢٧ : ١٢١ ، باب ٩ من أبواب صفات القاضي ، ح ٤٠ ؛ البحار ٢ : ٢٢٤ ، باب ٥٢٩.
(٧) تقدّم في ص ٥٨٢ وفيه : خذ بما يقول أعدلهما عندك وأوثقهما في نفسك.
(٨) الاحتجاج ٢ : ٢٦٤ / ٢٣٤ ؛ الوسائل ٢٧ : ١٢٢ ، باب ٩ من أبواب صفات القاضي ، ح ٤١.