كالعلاّمة في النهاية والأستاد الأكبر في بعض رسائله وسيّد المفاتيح (١) ، ويستكشف ما ذكرنا من الرجوع إلى كلماتهم حيث يقتصرون في مقام الاستدلال بإحراز صغرى (٢) الأقوائية من غير ملاحظة أنّ مجرّد إحراز الصغرى لا يجدي في إثبات الحكم المستدلّ عليه نظرا إلى أنّ الكبرى مفروغ عنها ، وقد عرفت (٣) تعليل الشيخ والمحقّق في مخالفة العامّة فراجع.
وثانيهما : قاعدة الاشتغال فإنّ الأمر دائر بين الأخذ بما في طرفه المرجّح الظنّي والتخيير ؛ إذ المفروض انتفاء التساقط على المختار.
فإن قلت : قد علم ممّا مرّ (٤) في بعض مباحث الظنّ أنّ الاشتغال في المسألة الفرعية ربّما يقدّم على الاشتغال في المسألة الأصولية ، وعلى ذلك بنيت في ردّ من زعم إهمال النتيجة الحاصلة من دليل الانسداد ، ثمّ حاول التعميم بالقاعدة المزبورة ، فلعلّ المقام أيضا من الموارد التي يقدّم الاشتغال في المسألة الفرعية عليه في الأصولية.
قلت : فرق ظاهر بين المقامين ؛ إذ أدلّة التخيير بين الدليلين الواردة في مقام علاج المتعارضين ناطقة بأنّ الطريق هو أحد الخبرين ، وبعد قيام الدليل الاجتهادي على
__________________
(١) قال في النهاية كما عنه في مفاتيح الأصول : ٦٨٦ : لنا الإجماع على العمل بالترجيح والمصير إلى الراجح من الدليلين. قال الوحيد في الفوائد الحائرية : ٢٢٠ ـ ٢٢١ : وعند الأخباريين أنّ بناء المرجّحات على التعبّد ... وأمّا المجتهدون فلمّا كان بناؤهم على التحرّي وتحصيل ما هو أقرب إلى ظنّهم في السند والدلالة والتوجيه فلا يستشكلون في هذه الأخبار أيضا ، وكلّ يبني الأمر فيها على ما هو الأقرب عنده.
قال السيّد المجاهد في مفاتيح الأصول : ٧١٧ : ولظهور اتّفاقهم على صحّة الترجيح بكلّ ما يفيد الظنّ عدا القياس.
قال العلاّمة في مبادئ الوصول : ٢٣٢ : لنا أنّه لو لم يعمل بالراجح لعمل بالمرجوح وهو خلاف المعقول ، ولأنّ الإجماع من الصحابة وقع على ترجيح بعض الأخبار على البعض.
ونقل ذلك أيضا في مفاتيح الأصول : ٦٨٦ عن الآخرين.
(٢) « د » : الصغرى.
(٣) عرفت في ص ٥٨٩.
(٤) مرّ في ج ٣ ، ص ٢٥١.