ذلك هو ملاحظة طريقة العرف في امتثال أوامر الموالي.
وإذا وقع التعارض بين الترجيح بحسب السند بالأخذ بالمرجّحات السندية الداخلية كالأعدلية ونحوها وبينه بالأخذ بالمرجّحات الخارجية كالشهرة ـ مثلا ـ فيظهر من سيّد المفاتيح (١) طاب ثراه تقديم المرجّح الخارجي على الداخلي مطلقا ولعلّه ليس في محلّه على إطلاقه ؛ إذ ربّما يكون الأقرب هو المرجّح الداخلي ، نعم ، لا يبعد القول بأنّ الغالب هو تقديم الخارجي ؛ لأنّه هو الأقرب ، فالمناط هو الأقربية.
وإذا عرفت (٢) ذلك فاعلم أنّ المرجّحات المنصوصة مختلفة غاية الاختلاف ، وأوضح الروايات الواردة فيها هي المقبولة فنسوق الكلام فيها توضيحا لما اشتملت عليها من الفقرات وتحقيقا لتقديم بعضها على الآخر ، فنقول : إنّه قد اعتبر فيها الترجيح أوّلا بعدّة أمور وهي : الأعدلية ، والأفقهية ، والأورعية ، والأصدقية ، والأخذ بظاهرها كما مرّ غير نافع في مقام الترجيح لندر اجتماعها في الغاية ، بل ينبغي أن يكون المراد الترجيح بكلّ واحد منها ويكشف عن ذلك أمور :
أمّا أوّلا : فالعارف بصناعة الكلام ومن له ذوق في تحصيل المرام إذا تأمّل في مساق الخبر وأعطاه حقّ النظر لعلّه يقطع بذلك ، فإنّ اجتماع أمور في مقام التعبير مع اعتبار كلّ واحد منها على حدّه في مقام التأثير ممّا ليس بذلك البعيد.
وأمّا ثانيا : فالسائل لم يعدّ إلى السؤال عن اجتماع بعضها دون الآخر مع أنّ الترتيب الطبيعي على تقدير اعتبار الأمور الأربع يقضي بذلك.
وأمّا ثالثا : فانفراد الأعدلية عن أخواتها في مرفوعة زرارة شاهد صدق على اعتبار كلّ واحد منها في مقام الترجيح.
وأمّا رابعا : فلأنّ اعتبار الأعدلية مع الأصدقية في غاية البعد ، فإنّ ما هو المعتبر من العدالة في الخبر هو التحرّز عن الكذب ، وأمّا الاجتناب عن غيره من المعاصي فممّا
__________________
(١) مفاتيح الأصول : ٦٨٩.
(٢) « س » : إذ قد عرفت.