على عدم التقيّة مردّدا بينهما ، وقد يزيد ذلك فيرجّح كما لا يخفى.
وبالجملة : فلا ينبغي إنكار كفاية المخالفة في مقام الترجيح على أحد الوجوه التي مرّ (١) إليها الإشارة من الأخذ بالمخالفة تعبّدا ، أو من جهة أنّ الموافق لا يحتمل إلاّ الفتوى ، أو من جهة أنّ الواقع في خلاف مقالتهم ، أو من جهة أنّ في خلافهم حسنا ومصلحة تزيد على مصلحة الواقع وإن لم تدرك نظير جلوس النبيّ حين ما سمع قيام اليهود عند دفن الأموات إبداء لمخالفتهم وإرغاما لأنفهم (٢) ، فقاتلهم الله أنّى يؤفكون.
ثمّ إنّ بعض الأخبار يشتمل على الأخذ بما خالفهم وهو ظاهر في المخالفة القولية ، وبعض الآخر يشمل على الأخذ بما يخالف أخبارهم ، فمن الأوّل ما قد سمعت مرارا ، ومن الثاني ما قد رواه الصدوق عن الرضا عليهالسلام : « فانظروا إلى ما وافق أخبارهم فدعوه » (٣) وما رواه القطب الراوندي عن الصادق عليهالسلام : « فما وافق أخبارهم فذروه ، وما خالف أخبارهم فخذوه » (٤) والظاهر أنّ المآل في ذلك إلى أمر واحد كما يكشف عن ذلك اجتماعهما في رواية الصدوق عن محمّد بن موسى بن المتوكّل عن [ عليّ بن الحسين ] السعدآبادي عن أحمد بن أبي عبد الله [ البرقي ] عن أبيه عن محمّد بن عبد الله (٥) قال : قلت للرضا : كيف نصنع بالخبرين المختلفين؟ فقال : « إذا ورد عليكم خبران مختلفان
__________________
(١) مرّ في ص ٥٨٩ ـ ٥٩٢.
(٢) الخلاف ١ : ٧١٩ ، مسألة ٥٣٤ ؛ البحار ٧٩ : ٢٥ ، باب ١٢.
(٣) هذه الرواية قطعة من الرواية الآتية بعد سطور.
(٤) مختصر رسالة القطب الراوندي المطبوع في ميراث حديث شيعة ٥ : ٢٧٢ ـ ٢٧٣ ؛ وعنها في الفوائد المدنية : ٣٨١ وفي ط الحجري : ص ١٨٧ ؛ الوسائل ٢٧ : ١١٨ ، باب ٩ من أبواب صفات القاضي.
ونقل عنها بالواسطة في البحار ٢ : ٢٣٥ ، باب ٢٩ ، ح ٢٠. وسيأتي بتمامه في ص ٦٢١.
(٥) في مختصر الرسالة وفي الفوائد المدنية : عبيد الله.