فانظروا إلى ما يخالف منهما العامّة ، فخذوه وانظروا إلى ما وافق (١) أخبارهم فدعوه » (٢).
ولعلّ ذلك أمر ظاهر لا ينبغي الارتياب فيه وإنّما الإشكال في تعيين ما هو المقصود من المخالفة في هذه الأخبار الكثيرة ، فإنّ الأخذ بظاهرها يوجب اختصاص هذه الأخبار بموارد قليلة لا يكاد يلتزم به الخبير في مثل هذه الروايات ، فإنّ مخالفة جميع العامّة كما هو الظاهر من الروايات لا يوجد إلاّ أقلّ قليل من الأحكام وهي تعدّ في (٣) ضروريات المذهب في الغالب ، بل الأغلب (٤) ، نعم قد يتّفق ذلك في غاية الندرة كما في روايات طهارة البئر مثلا.
وعلى تقدير التأويل (٥) فيها بأنّ المراد مخالفة البعض فهل المدار على مخالفة أيّ الفرق منهم؟ فإنّهم مع اجتماعهم على أمر باطل متفرّقين (٦) على وجوه شتّى ومذاهب لا تنتهي.
والأظهر في النظر أنّ هذه الأخبار إنّما وردت أنموذجا لما هو اللائق أن يؤخذ به ودستورا لما هو الحقيق لأن يعمل به ، وليس المراد بها تشخيص موارد المخالفة فإنّها مختلفة جدّا لا تكاد تنضبط ، فإنّ المقتضي للتقيّة تارة : يوجد في المتكلّم ، وأخرى : في المخاطب بحسب بلديهما أو بلد آخر ، أو السامع ، أو (٧) الحاكم في ذلك الزمان أو زمان آخر ، والفقيه يستشعر (٨) بذلك في موارده ، فإنّ ذلك محال على أنظار أرباب النظر وأصحاب البصر.
__________________
(١) في المصادر : يوافق.
(٢) مختصر رسالة قطب الراوندي المطبوع في ميراث حديث شيعة ٥ : ٢٧٤ ـ ٢٧٥ ؛ وعنها الفوائد المدنية : ٣٨٢ وفي ط الحجري : ص ١٨٧ ؛ الوسائل ٢٧ : ١١٩ ، باب ٩ من أبواب صفات القاضي ، ح ٣٤.
ونقل عنها بالواسطة في البحار ٢ : ٢٣٥ ، باب ٢٩ ، ح ١٩.
(٣) « د » : ـ في.
(٤) « د » : في الأغلب.
(٥) « ج » : + منع هنا.
(٦) « ج ، د » : مفترقين.
(٧) « د » : و. « س » : إذ.
(٨) « س » : يشعر.