التقيّة بوجود قائل من العامّة وهو خلاف ما أدّى إليه الفهم الكليل والفكر العليل من أخبارهم رأينا أن نبسط الكلام بذكر جملة من الأخبار الدالّة على ذلك لئلاّ يرمينا (١) الناظر إلى مخالفة الأصحاب [ من غير دليل ] وينسبنا إلى الضلال والتضليل.
ثمّ أخذ بذكر الأخبار المشعرة بذلك ناقلا ما ذكره من المحدّث الأمين أيضا وذكر في عدادها ما رواه في الكافى في الموثّق عن زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : سألته عن مسألة فأجابني فيها ، ثمّ جاءه رجل آخر (٢) فسأله عنها فأجابه بخلاف ما أجابني ، ثمّ جاء (٣) رجل آخر فأجابه بخلاف ما أجابني وأجاب صاحبي ، فلمّا خرج الرجلان قلت : يا بن رسول الله صلىاللهعليهوآله [ رجلان ] من أهل العراق من شيعتكم قدما يسألان فأجبت كلّ واحد [ منهما ] بغير ما أجبت به صاحبه؟! فقال : « يا زرارة إنّ هذا خير لنا [ وأبقى لنا ولكم ] فلو (٤) اجتمعتم على أمر واحد لصدّقكم الناس علينا ولكان أقلّ لبقائنا وبقائكم » ثمّ قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : شيعتكم لو حملتموهم على الأسنّة أو على النار لمضوا [ وهم يخرجون من عندكم مختلفين ] قال : فأجابني بمثل جواب أبيه (٥).
قال في الحدائق ـ بعد توجيه دلالة الرواية على ما هو مطلوبه وذكر طرف من الأمور ـ : ولعلّك بمعرفة (٦) ذلك تعلم أنّ الترجيح بين الأخبار [ بالتقيّة ] بعد العرض على الكتاب العزيز من أقوى المرجّحات ، فإنّ جلّ الاختلاف الواقع في أخبارنا ، بل كلّه عند التأمّل والتحقيق ناش (٧) عن التقيّة (٨) ، انتهى موضع الحاجة من كلامه ، وهو كما
__________________
(١) « س » : يريبنا. وفي المصدر : يحملنا الناظر على.
(٢) لم ترد كلمتي « فيها » و « آخر » في مصادر الحديث.
(٣) المثبت من « د » وهو موافق للمصادر ، وفي « س ، ج ، م » : جاءه.
(٤) في المصادر : ولو.
(٥) الكافى ١ : ٦٥ ، باب اختلاف الحديث ، ح ٥ ؛ ورواه الصدوق في العلل : ٣٩٥ ، باب ١٣١ ، ح ١٦ ؛ وعنه في البحار ٢ : ٢٣٦ ، باب ٢٩ ، ح ٢٤.
(٦) في المصدر : بمعونة.
(٧) في المصدر : نشأ.
(٨) الحدائق الناضرة ١ : ٤ ـ ٦ و ٨.