فقيل له (١) : ما أردت بذلك وما هذه الآيات؟ فقال : أردت منها ما يقرأ في نافلة الزوال فإنّ الحمد والتوحيد لا يزيدان على عشرة وهي ثمان ركعات (٢). وما ورد (٣) من حكمهم بوجوب الوتر ، ثمّ التفسير بوجوبه على النبيّ ، إلى غير ذلك من الموارد ، وكيف كان فهذه أحد الوجوه المحتملة في الجمع بين الأخبار المختلفة والله أعلم.
ثمّ لا يخفى أنّ ظاهر المقبولة المشتملة على هذه المرجّحات تقديم الترجيح بمخالفة الكتاب على موافقة العامّة وهو محمول على ما إذا كان الخبر المخالف للكتاب مباينا (٤) ، مثل ما رواه القطب الراوندي عن الصادق عليهالسلام : « إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله ، فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فردّوه (٥) ، وإن لم تجدوهما في كتاب الله فاعرضوهما على أخبار العامّة ، فما وافق أخبارهم فذروه ، وما خالف أخبارهم فخذوه » (٦).
والوجه في ذلك الحمل أنّ بعد القول بحجّية الأخبار الظنّية فعلى تقدير أن يكون الخبر خاصّا يجوز تخصيص الكتاب به ، فلو فرضنا أنّ أحد الخبرين المتعارضين يكون مخالفا للعامّة مع كونه أخصّ من الكتاب فيترجّح على الآخر وينهض مخصّصا بعموم الكتاب ؛ لأنّ العمل بأصالة الحقيقة في الكتاب إنّما يصحّ فيما لم يوجد ما يصلح لأن يكون قرينة والمفروض وجود ذلك ، وأمّا إذا كان الاختلاف بين الكتاب وبين الخبر المخالف على وجه العموم والخصوص من وجه ، فإن قلنا برجوع التعارض فيهما إلى السند فمن المعلوم لزوم طرح المخالف بعد مقاومته للكتاب حينئذ ، وإن قلنا برجوعه إلى الدلالة فيعاضد الدلالتان ويرتفع بذلك الخبر المخالف أيضا ، فلا وجه
__________________
(١) فسّره عليهالسلام من دون سؤال.
(٢) الوسائل ٦ : ٦٤ ، باب ١٣ من أبواب القراءة ، ح ٣ والحديث منقول بالمعنى.
(٣) الوسائل ٤ : ٦٨ ، باب ١٦ من أبواب أعداد الفرائض ، ح ٦.
(٤) « د » : متباينا.
(٥) « س » : فذروه.
(٦) تقدّم في ص ٦١٥.