سرّا » (١).
والحقّ في المقام أن يقال : إنّ الأخذ بالأحدث في يومنا هذا يحتمل وجوها :
أحدها : أن يكون من باب التعبّد الشرعي ، وهذه الأخبار لا تنهض بإثباته فإنّ الظاهر منها أنّ الأخذ بالأحدث إنّما هو بواسطة احتمال التقيّة في الأوّل وإلاّ فما الوجه في سؤال المعصوم عليهالسلام عن الراوي : « بأيّهما كنت تأخذ؟ » فإنّه في مقام بيان الحكم التعبّدي لا بدّ من أن يظهر الحكم بنفسه كما هو ظاهر ويرشدك إليه قوله : « أبى الله إلاّ أن يعبد سرّا ».
وثانيها : أن يكون الأخذ بالثاني من باب احتمال التقيّة في الأوّل وهو أيضا لا يخلو من وجهين : أحدهما : أن يكون صدور الحكم ثانيا منهم قرينة واقعية على أنّ الأوّل صادر تقيّة ، والثاني : أن يكون قرينة تعبّدية على أنّ الأوّل صادر تقيّة ، والأوّل ليس مطّردا ؛ إذ قد يكون آثار التقيّة لائحة من الثاني كما لا يخفى على من تتبّع ، والثاني خلاف الظاهر من الرواية.
وثالثها : أن يكون الثاني ناسخا للأوّل وذلك لا يتمّ في الأخبار الصادرة عن الأئمّة عليهمالسلام ولا بأس بالتزامه في الأخبار النبوية.
والحاصل : فهذه الأخبار على إطلاقها ليست معمولا بها عند أصحابنا ؛ للإرسال في بعضها وضعف بعض رواة (٢) الآخر كإسماعيل وأبي عمرو ، فلا يصلح وجها لعدم الأخذ بإطلاق أخبار التخيير كما لا يخفى.
الثاني : الاحتياط على ما نطق به المرفوعة وبعد ما عرفت من طعن بعض الأخبارية (٣) في الكتاب الذي اشتمل عليها لا وجه للتعرّض لذلك فالله الموفّق وهو الهادي إلى سواء السبيل.
__________________
(١) الوسائل ٢٧ : ١١٢ ، باب ٩ من أبواب صفات القاضي ، ح ١٧.
(٢) « د » : رواة بعض.
(٣) وهو صاحب الحدائق كما تقدّم في ص ٥٨٢.