بالعامّ للخاصّ.
كما أنّه ليس المراد بالأصل التخيير فإنّ موافقة أحد الخبرين للتخيير غير معقول ؛ إذ التخيير مورده فيما إذا تعارض الخبران أو الاحتمالان مع عدم المرجّح لأحدهما ، فعلى الأوّل ظاهر فساده ، وعلى الثاني فلأنّ كلاّ من الخبرين موافق لأحد احتمالي الواقعة.
اللهمّ إلاّ أن يكون مفاد أحد الخبرين هو التخيير ويكون مفاد الآخر هو أحد الاحتمالين ، وذلك أيضا فاسد ؛ لأنّ ورود الرواية على وجه يكون مفادها التخيير بين الفعل والترك في غير ما يكون مفادها إباحة (١) غير معقول ، وعلى تقدير ذلك لا يكون أحد الخبرين حينئذ موافقا لأصالة التخيير ؛ إذ المقصود من الموافقة هو أنّ الأصل على وجه لو فرض ارتفاع الدليلين بالتساقط ـ مثلا ـ صحّ الرجوع إلى الأصل الموافق ، وفي المقام ليس كذلك ؛ إذ بعد فرض التساقط في ذلك المورد يدور الأمر بين التخيير والتعيين ، والأصل فيه ليس التخيير ، بل الاشتغال أو البراءة من التعيين.
وأمّا الاشتغال فليس المراد بالأصل في المقام هو أيضا ؛ إذ المراد به إمّا الاحتياط اللازم ، أو غيره ، والثاني لا يجدي (٢) في مقام الترجيح ، والأوّل غير معقول أن يكون مرجّحا ؛ لأنّ موارد وجوب الاحتياط فيما إذا ثبت التكليف الإجمالي ودار الأمر بين أمور محصورة في تعيين المكلّف به ، كما في دوران الأمر بين الظهر والجمعة والصلاة بالجهات الأربع والاجتناب عن الإناءين ـ مثلا ـ كما مرّ وجوه ذلك في موارده مفصّلا فأحد الخبرين لو دلّ على وجوب الظهر بخصوصه لم يكن موافقا للاحتياط (٣) ، كما إذا دلّ الدليل على وجوب الصلاة بجهة خاصّة ، ولو دلّ على وجوب الجمع بين المحتملين لم يكن ذلك من موافقة الخبر للاحتياط ؛ إذ مدلول الخبر حينئذ هو الاحتياط ، ألا
__________________
(١) « د » : الإباحة.
(٢) « س » : فلا يجدي.
(٣) من هنا إلى قوله « إذ مدلول الخبر » سقط من نسخة « ج ».