على عدم لزومه بعد السجدة الثانية عموم مطلق ، وقضيّة ذلك هو الحمل دون التخيير ، وقد يتعسّف في دفعه بأنّ العامّ لعلّه كان غير قابل للتخصيص ، فتدبّر.
ومنها : الترجيح بموافقة الحظر والإباحة وقد عرفت فيما قدّمنا لك أن لا محصّل لهذا الترجيح ، ومع ذلك فلا يخلو كلماتهم عن تشويش وتناقض أيضا فإنّ اختلافهم في تلك المسألة إلى الأقوال المختلفة وانحصار القول في هذه المسألة مع كونها من جزئيات تلك المسألة ممّا لم نعرف له وجها.
قلت : قد سبق (١) أنّ أقوال تلك المسألة تنطبق على مسألة الأخذ بالأحدث وإنّما راموا بالموافقة (٢) والمخالفة تشخيص الصغرى ، كما ينادي بذلك ما عرفت من الأدلّة التي تمسّك بها أصحابها ، وهذه المسألة إنّما يلاحظ فيها مطابقة الرواية للاحتياط كما ورد به المرفوعة ، فلا غائلة في اختلاف الأقوال.
نعم ، قد يشكل (٣) المقام بأنّ المشهور ـ على ما هو المحكيّ ـ قالوا بتقديم الحظر في المقام ، وهذا ينافي ما هو المعروف من مذهب المجتهدين من الأخذ بالبراءة فيما تعارض فيه النصّان وعدم الأخذ بالاحتياط.
ودفعه أيضا ظاهر ؛ إذ لم يعلم ذهاب المجتهدين من أصحابنا في المقام أيضا إلى الاحتياط ، بل المختار هو التخيير كما هو ظاهر ، فلا تناقض أيضا.
وقد يتمسّك في ذلك بما اشتهر عندهم من أنّ دفع المضرّة أولى من جلب المنفعة وبقوله : « ما اجتمع الحلال والحرام إلاّ وقد غلب الحرام الحلال » (٤) ، ولا يستقيم شيء منهما ؛ لعدم قطع العقل بالأوّل ، نعم ربّما يستحسنه العقول وليس بذلك البعيد كما أومأنا إليه في مباحث البراءة ، وعدم دلالة الثاني ؛ لظهوره في الشبهات الموضوعية.
__________________
(١) سبق في ص ٦٣١.
(٢) « س » : لموافقة.
(٣) « ج » : يستشكل.
(٤) هذا هو الصواب. وفي النسخ : الحلال الحرام. وتقدّم تخريجه مع تفصيل في بحث البراءة : ج ٣ ، ص ٤٦٣.