على الله؟
وإن زعم أنّ أمر الترجيح ممّا قد يتساهل فيه كما زعمه بعض الأفاضل (١) فيما نبّهنا عليه في بعض مباحث الظنّ (٢) ، فيمكن الاعتماد فيه بأمور لا يجوز التعويل عليه في غير مقام الترجيح.
فهو زعم باطل وتوهّم عاطل قد برهنّا على فساده فيما سلف بما لا مزيد عليه.
الثاني : الأخبار المستفيضة (٣) ، بل المتواترة القائلة بأنّ دين الله لا يصاب بالعقول ، وأنّه ليس شيء أبعد في (٤) دين الله من عقول الرجال ، وأنّ في القياس محق الدين وفساد شريعة سيّد المرسلين ، وأنّه ليس على دين الرسول من استعمل القياس فيه ، وأنّ مقاييس الأوهام تقصر عن إدراك المطالب والأحكام.
ولا يكاد يخفى أنّ الأخذ بالقياس في مقام الترجيح استعمال للقياس في الدين ، وليس المذكور في عناوين هذه الروايات لفظ الدليل حتّى يتوهّم الذاهب أنّه ليس بدليل مع أنّك قد عرفت على تقدير ذلك ، فالحقّ أنّ التعويل عليه مرجعه إلى جعله دليلا وإنكاره ربّما يعدّ في إنكار الضروريات.
لا يقال : هذه الأخبار تعارض الأخبار الدالّة على اعتبار مطلق القوّة في الترجيح تعارض العموم والخصوص من وجه ، وعند عدم المرجّح في مادّة التعارض يسقط
__________________
(١) قال في الفصول : ٤٤٥ : ويظهر من رواية الحسن بن الجهم المتقدّمة ترجيح المعتضد بالقياس على الحكم الثابت بالكتاب أو الحديث المأثور عنهم عليهمالسلام على غيره ، وله وجه ، ولا ينافيه الأخبار الدالّة على عدم حجّية القياس ؛ لأنّ الحجّية غير المعاضدة.
(٢) انظر ج ٣ ، ص ٣١٥.
(٣) الوسائل ٢٧ : ٤١ ، باب ٦ من أبواب صفات القاضي ، ح ١٠ ، و ٢٩ : ٣٥٢ ، باب ٤٤ من أبواب ديات الأعضاء ، ح ١ ، و ٢٧ : ٤٥ ، باب ٦ من أبواب صفات القاضي ، ح ٢٢ ؛ المستدرك ١٧ : ٢٦٢ ، باب ٦ من أبواب صفات القاضي ، ح ٢٥ ؛ بحار الأنوار ٢ : ٣٠٣ ، باب ٣٤ ، ح ٤٠.
(٤) « س » : من.