الاعتبار فيهما معا ، فلا وجه للاستناد بهذه الأخبار الواردة في مقام المنع عن العمل بالقياس.
لأنّا نقول : إنّ دلالة الأخبار على (١) حرمة العمل بالقياس أظهر (٢) من دلالة هذه الأخبار على حجّية مطلق القوّة ، ولعلّك تذكّر بعد الرجوع إليها فإنّها إشعارات محضة مستفادة من موارد جمّة لا يصحّ اجتماعها في عنوان لفظي حتّى يؤخذ بلوازمه من ملاحظة النسبة بينه وبين ما يعارضه ، فإنّ ذلك أمر قد استشعرنا به بأنّه بعد إعمال أنواع العنايات والتنويرات.
الثالث : أنّ أصحابنا الإمامية قد أولعوا في تحقيق المباحث التي يتوقّف عليها الاستنباط في الكتب (٣) الأصولية كما يشهد بذلك مراجعتها ، ولو لا أنّ من المحظور عندهم الترجيح بالقياس كان الواجب عليهم التعرّض لمباحثه كعلماء الجمهور وتشخيص أقسامه ، وعدم الاعتناء به في مقام الدليلية كما زعمه الذاهب لا يوجب عدم الاعتناء به مطلقا ، فلا يصلح (٤) ذلك عذرا في عدم تعرّضهم ، وهذا إجماع آخر منهم على عدم الاعتناء به ، وما عسى يظهر من البعض من الاستناد بوجوه ظنّية في تشخيص الأحكام الشرعية ، كما يلوح من استناد كاشف اللثام (٥) في طهارة الماء الموجود في البئر : بأنّ الكرّ الموجود في خارج البئر لا ينجّس بالملاقاة فكيف ينفعل فيها مع اتّصاله بالمادّة ، ونحو ذلك ، فمحمول على إرادة التأييد بمثل هذه الاعتبارات ، وليس مستندهم في الحكم إلاّ ما هو المعتبر شرعا كما هو ظاهر من ديدنهم في غير هذه الموارد (٦).
__________________
(١) المثبت من « د » وفي سائر النسخ : « أخبار » من دون لفظه « على ».
(٢) المثبت من « د » وفي سائر النسخ : ـ أظهر.
(٣) المثبت من « د » وفي سائر النسخ : كتب.
(٤) « د » : يصحّ.
(٥) كشف اللثام ١ : ٢٧٦ ـ ٢٧٧.
(٦) « ج ، د » : هذا المورد. قال الوحيد البهبهاني في الفوائد الحائرية : ٤٥٢ : والفقهاء رحمهمالله ربّما يجعلون القياس المفيد للظنّ مؤيّدا مطلقا وإن اتّفقوا على عدم حجّيته وحرمة العمل به لا بأن يكون دليل الحكم ومستنده.