بينهما من حيث الاقتضاء الثابت لكلّ منهما مع قطع النظر عن الآخر كما هو المتداول في موارد إطلاقه ؛ إذ لا نسلّم أنّ مقتضى أحد الاحتمالين يغاير مقتضى الآخر فضلا عن أن ينافيه ، بل يشتركان في اقتضاء عدم ثبوت الحكم معهما ، وإن اعتبر بين متعلّقيهما فلا ريب في أنّهما لا يتحقّقان فكيف يتصوّر بينهما التعارض الذي هو مشروط بتحقّق المتعارضين (١).
أقول : وفيه ما لا يخفى من اشتباه المقتضي بالعلّة التامّة والخلط بينهما ، فإنّ زوال الحكم يستلزم زوال العلّة التامّة للحكم ، ولا يستلزم زوال المقتضي بصفة الاقتضاء ، فإنّ التحقيق أنّ المانع إنّما هو علّة تامّة لعدم المعلول ونقيضه ، وليس له مدخل في الوجود إلاّ من حيث ارتفاع علّة النقيض ، فالمؤثّر في الوجود هو المقتضي وهو باق بصفة الاقتضاء حال العلم بتحقّق المانع فكيف باحتماله ، ولهذا نرى أنّ فقدان المانع لا يصير (٢) سببا لإيجاد شيء في المقتضي لم يكن قبل وذلك ظاهر.
وأمّا حديث النسبة فواه جدا ؛ إذ لا نعني بصفة الاقتضاء وثبوتها فعلا إلاّ مجرّد قضيّة تعليقية فعلية كما لا يخفى.
وأمّا ما أورده أخيرا من الترديدات فنختار الأوسط منها ، قوله : لا نسلّم أنّ (٣) مقتضى أحد الاحتمالين يغاير مقتضى الآخر ، منع فاسد ؛ لظهور أنّ المتداول في موارد إطلاقه إنّما هو الأخذ بمقتضاه باعتبار ما أضيف إليه لفظ الاحتمال لا نفسه.
وأمّا ما أورده (٤) من اشتراكهما في اقتضاء عدم ثبوت الحكم معهما ، ففساده ممّا لا يدانيه ريب ؛ إذ غاية ما في الباب أنّ (٥) عدم العلم بالحكم يلازم الاحتمال لا (٦) أنّ عدم
__________________
(١) الفصول : ٣٦٩ ـ ٣٧٠.
(٢) « ز ، ك » : ممّا لا يصير.
(٣) « ز ، ك » : ـ أنّ.
(٤) « ز ، ك » : أفاده.
(٥) المثبت من « ك » ، وفي سائر النسخ : ـ أنّ.
(٦) « ز ، ك » : إلاّ.