الوجود ليس بسليم ، وإحراز عدم المانع بالأصل يوجب الدور المحال على تقدير كونه استصحابا ، وينافيه ظاهر الاحتجاج ؛ حيث إنّ المستفاد منه أنّه برهان تامّ من غير أن يكون لشيء (١) فيه مدخلية على تقدير كونه غير الاستصحاب من سائر الأصول ، والإنصاف أنّ هذا الكلام من المحقّق مبنيّ على ما ستعرف (٢) من أنّ بناء العقلاء مستقرّ على عدم الأخذ باحتمال المانع بعد إحراز المقتضي ، بل بمجرّده يحكمون بوجود المقتضى وإن كان فيه من الخفاء (٣) ما لا يكاد يخفى ، وقد مرّ (٤) استظهارنا التعبّد العقلائي من هذه الجهة (٥) وما يتلوها ، فتدبّر.
الثاني : ما ذكره شيخنا البهائي رحمهالله (٦) ـ وقد سبقه في الاحتجاج به (٧) جماعة من الجمهور ـ من أنّه لو لم يكن حجّة لم تتقرّر المعجزة ، وبطلان التالي غنيّ عن التنبيه ، وأمّا الملازمة فلما ذكره الفخري في المحصول (٨) من أنّ المعجزة فعل خارق العادة وهي اعتقاد وقوع الفعل على ما عهد وقوعه قبل ذلك وهو الاستصحاب ، وتوضيحه أنّ الأشياء الخارجية (٩) الواقعة في ظرف الخارج لا بدّ وأن تكون (١٠) باقية على ما هي عليها حتّى يثبت النبوّة بالمعجزة ، وإلاّ فيحتمل أن يكون تسبيح الحصى أو انشقاق القمر أو إحياء الأموات مستندا إلى غير خارق العادة ، فينسدّ باب إثبات النبوّة ، وبقاؤها على ما هي عليها ليس إلاّ الاستصحاب.
وفيه : أنّه على تقدير الاستصحاب لا يثبت النبوّة أيضا ؛ إذ غاية ما يستفاد منه الظنّ وهو لا يغني من الحقّ شيئا ، فلا بدّ من تحصيل العلم باستناد الأفعال الواقعة من مدّعي النبوّة إلى معجزته لا إلى الاتّفاق.
__________________
(١) المثبت من « ج » ، وفي سائر النسخ : شيء.
(٢) ستعرف في ص ٢٣١ وأشار إليه أيضا في ص ٨٥.
(٣) « م » : الخفايا.
(٤) مرّ في ص ٥٦.
(٥) « ج » : الحجّة.
(٦) « ز ، ك » : ـ رحمهالله.
(٧) « م » : ـ به. زبدة الأصول : ١٠٦.
(٨) المحصول ٦ : ١٢٠.
(٩) « ك » : الخارجة.
(١٠) في النسخ : يكون.