منطبقة غالبا على الاحتياط ، فإنّ النسبة بينهما هي العموم من وجه بحسب المورد ، ويرشدك إلى ذلك ملاحظة حالهم في إرسال المراسيل ، فإنّ المطلوب فيه أمران : سلامة الأمتعة ، ووصولها إلى المرسول إليه ، ولا يعلم حصول الثاني بالإرسال ؛ لاحتمال التلف ، فليس هذا من موارد الاحتياط ، فتعيّن أن يكون المرجّح مرجّحا واقعيا وليس في المقام ما يحتمل كونه مرجّحا إلاّ الظنّ ، فلو لم يفد الاستصحاب الظنّ للزم (١) خلوّ الأفعال والأعمال في تلك الموارد عمّا يقتضي رجحان أحد طرفي الوجود والعدم ، وهو فطري الاستحالة ، وليس لأحد أن يقول باختصاص ما ذكرنا بالأمور المتعلّقة بالمعاش دون الأحكام المرتبطة بالمعاد من الأحكام الشرعية ؛ لظهور استقرار بناء أهل الشرع من أصحاب النبيّ وأتباع الأئمّة عليهم أفضل الصلاة وأكمل السلام (٢) على العمل على طبق الحالة السابقة في الأحكام المأخوذة عنهم من غير اختلال في ذلك باحتمال النسخ ، سيّما النائين عنهم ، ويرشدك إلى ذلك ملاحظة حال المقلّدة (٣) في أخذ فتاوى المفتين ، فإنّهم لا يبالون في العمل بها باحتمال الرجوع عنها (٤) ونحو ذلك من احتمال الفسق أو الموت أو الجنون.
وأمّا الكبرى فلوجهين أيضا :
الأوّل : بناء العقلاء على الاعتماد على مثل هذا الظنّ كما سمعت في الأمثلة المذكورة ، سواء في ذلك الأمور العرفية أو الشرعية.
فإن قلت : نعم ولكن ما الدليل على اعتبار بنائهم في أمثال المقام.
قلت : الدليل على اعتباره تقرير المعصوم لفعلهم ، ورضاؤه بعملهم على طبق الحالة السابقة واتّكالهم في الأحكام المأخوذة عنهم إلى مثل ذلك ، وعدم ردعهم إيّاهم بالأمر بالسؤال عنهم مرّة بعد مرّة ؛ ضرورة عدم كون تلك الأحكام مقرونة بما يستفاد
__________________
(١) « ج » : لزم.
(٢) « ك » : التحيّة.
(٣) « ج » : المقلّدين.
(٤) « ج » : عنهما.