ذلك الطرف ، فيستصحب الاشتغال ويظنّ ببقاء (١) التكليف ، وهو يلازم الظنّ بكون القبلة في الطرف الباقي ؛ إذ المفروض انحصار الجهة في الباقي ، ومن المعلوم أنّ الظنّ ببقاء التكليف لا يعقل بدون الظنّ بكون القبلة في الجهة الباقية ، وإن أراد أن يظنّ (٢) بكون القبلة في غير ذلك الطرف ، يصلّي أوّلا في ذلك الغير ، فيستصحب التكليف فيظنّ ببقائه ، ويلازمه (٣) الظنّ بكون القبلة في الجهة الباقية على نحو ما عرفت في عكس ذلك في الصورة الأولى ، بل لك أن تقول : ذلك يستلزم حصول الظنّ على طرفي الخلاف (٤) ، فإنّا لو حاولنا إملاء حوض من الماء فبعد وصول الماء إلى حدّ مخصوص من الحوض نشكّ في كونه كرّا ، فباستصحاب عدم الكرّية يحصل الظنّ بعدمها ، ولو كان ذلك الحوض مملوّا من الماء وعلمنا بكونه مقدار الكرّ ، ثمّ انتقص (٥) الماء إلى أن وصل إلى ذلك الحدّ المخصوص المفروض في العكس ، فباستصحاب الكرّية يحصل الظنّ بكونه كرّا مع ظهور امتناع كون المقدار المخصوص مظنون الكرّية وعدمها ، ومن هنا طعن بعض الأخباريين على المجتهدين بأنّه كيف يمكن (٦) حصول الظنّ على طرفي الخلاف ، فالقول بأنّ مجرّد الحالة السابقة من أسباب الظنّ واه جدا.
وأمّا ما استند إليه المستدلّ بانحصار المرجّح الواقعي في الظنّ ، فلا دلالة فيه على كون السبب فيه هو الحالة السابقة ؛ إذ لعلّه يستند إلى الغلبة كما قد تقوّى في بعض الموارد على ما ستعرف.
وأمّا ثانيا : فبمنع الكبرى ، فلأنّ المستدلّ إن أراد تقرير المعصوم في العمل بالظنّ الاستصحابي في أمور معاشهم من غير ارتباط بالأحكام الشرعية كما في أكثر الأمثلة الموردة (٧) عن القائلين به ظنّا ، فما علينا من إبطال ذلك أو إحقاقه فعهدته على مدّعيه.
__________________
(١) « ز ، ك » : بقاء.
(٢) المثبت من « م » وفي سائر النسخ : « أنّ الظنّ ».
(٣) « ج » : يلازم.
(٤) « م » : ـ الخلاف.
(٥) « ز ، ك » : نقص.
(٦) « ز ، ك ، م » : ـ يمكن.
(٧) « م ، ج » : الموروثة.