قرية أخرى إلى عدمها عنده مع تساوي احتمالي بقائها وعدمه ، كيف وهو يسافر بقصد التجارة إلى الأولى دون الثانية ، ومعلوم أنّ هذا الرجحان لا بدّ له من موجب ؛ لأنّ وجود كلّ معلول يدلّ على وجود علّة له إجمالا ، وليست هي اليقين المتقدّم بنفسه ؛ لأنّ ما ثبت جاز أن يدوم وجاز أن لا يدوم ، ويشبه (١) أن يكون هي كون الأغلب في أفراد الممكن القارّ أن يستمرّ وجوده بعد التحقّق ، فيكون رجحان وجود هذا الممكن الخاصّ للإلحاق بالأعمّ الأغلب ، قال : هذا إذا لم يكن رجحان الدوام مؤيّدا بعادة (٢) أو أمارة أخرى ، وإلاّ فيقوّى بحسب تلك الأمارة والعادة ، وقس على الوجود حال العدم إذا تيقّنّا (٣) ، مع أنّ استمرار العدم الازلي للممكن الحادث إلى وقت تمام (٤) علّته التامّة يقيني (٥) ، انتهى كلامه رفع مقامه (٦).
وهو رحمهالله (٧) وإن دقّق النظر فيما ذكره إلاّ أنّ الحقّ أحقّ بأن يتّبع ، فنقول في الجواب عنه :
أمّا أوّلا : فبالنقض بالموارد التي لا يفيد ظنّا مع وجود الغلبة المذكورة ، بل قد عرفت امتناع حصول الظنّ في بعض المقامات (٨) وإلاّ لزم إمّا حصول الظنّ على وجه اختياري ، وإمّا قيام الظنّ على طرفي النقيض كما مرّ مفصّلا.
وأمّا ثانيا : فبالحلّ ، وتحقيقه أنّ هذه الغلبة لا يمكن أن تصير (٩) سببا لحصول الظنّ ، أمّا إجمالا فلأنّ الغلبة والاستقراء لا يعقل أن يكون سببا للظنّ إلاّ بعد انتزاع القدر الجامع بين الأمور المستقرأة فيها وبين المشكوك على وجه يظنّ بكونه مناطا في الحكم الساري في الأفراد ، ووجود مثله ممنوع ، والأعمّ منه كالوجود غير حجّة.
__________________
(١) « ج » : نسبة!
(٢) « ج ، ز » : لعادة.
(٣) في المصدر : إذا كان يقينيا.
(٤) في المصدر : أن تتمّ.
(٥) شرح الوافية ( مخطوط ) ١٢٨ / أ.
(٦) « ز ، ك » : ـ رفع مقامه.
(٧) « ج ، م » : ـ رحمهالله.
(٨) « ز ، ك » : المقدّمات.
(٩) المثبت من « ك » وفي سائر النسخ : يصير.