أعني المقارنة. وإن كان المراد منه التأخّر الزماني ، فغير مسلّم ؛ لترتّب الحكم على العقود ، والإيقاعات ، والالتزامات بدون فصل زماني ، فالحقّ أنّ هذا البعض (١) الذي ظنّ (٢) من المشكوك فيه ، يرجع إلى القسم الأوّل الذي ذكرناه.
فصل [٤]
لا كلام في أنّ الأحكام الخمسة لا تتعلّق بأفعال غير المكلّفين. وأمّا غيرها من الأحكام الوضعيّة ، فقد يتعلّق بأفعال غير المكلّفين ، كضمان الصبيّ ما يتلفه وما يجنيه على الحيوانات. فعلى مغايرة الأحكام الوضعيّة للشرعيّة فلا إشكال ، وعلى ما اخترناه (٣) من دخول الحكم الوضعي تحت الشرعي ، يجب ارتكاب أحد من الأمرين :
إمّا القول بتعلّق الحكم الشرعي بأفعال غير المكلّفين أيضا ، وإبدال « المكلّفين » في تعريفه بـ « العباد » وأمثاله.
وإمّا القول بأنّ الأحكام الوضعيّة المذكورة التي تعلّقت بأفعال غير المكلّفين خارجة عن القاعدة باعتبار الدليل الخارجي ، ولا يتعدّى إلى غيرها.
وهذا هو الحقّ ؛ لأنّه لا شكّ في أنّ جميع الأحكام ـ وإن كانت وضعيّة ـ من باب التكليف ، وشرطه الفهم وفاقا ، فلا يتعلّق بالصبيان والمجانين ، وأمثالهما من الغافل والساهي إلاّ ما أخرجه الدليل ، فالصبيّ والمجنون إذا أتلفا مال غيرهما ، يتعلّق بهما الضمان إلاّ أنّه لا يجب عليهما الأداء ؛ لأنّ الوجوب لا يتعلّق بهما اتّفاقا ، بل الوجوب يتعلّق بوليّهما وبهما بعد الكمال.
ويعرف ممّا ذكر أنّ وطء الشبهة لا يوصف بالحلّ والحرمة ؛ لأنّ فاعله الساهي ، وهو ليس بمكلّف ، وهما يتعلّقان بأفعال المكلّفين.
__________________
(١) أي بعض الأسباب ما فيه شكّ في المقارنة.
(٢) يستظهر من القواعد والفوائد ١ : ٤٣ ، القاعدة ١٣ أنّ الظانّ هو الشهيد الأوّل.
(٣) راجع ص ٩٥.