ذلك غير معقول ، إلاّ أنّ بعض الأحكام نظر فيها إلى المآل ، إمّا لنصّ ، أو لأدلّة أخر ، أو لكون المآل معتبرا في نظر المرجّح.
وكيفيّة التفريع : أنّ الدهن النجس إذا قلنا بقبوله الطهارة ، لا يجوز بيعه ؛ لكونه من مقتضيات السبب الموجود في الحال ، ومن اعتبر السبب الموجود في المآل يجب أن يقول بجواز بيعه. وكذا الحكم في الماء النجس ، وقد اعتبر فيه المآل بعض الأصحاب (١). وحكم الأصحاب (٢) بجواز بيع السباع ؛ نظرا إلى جواز الانتفاع بجلودها ، وهو من اعتبار المآل ، إلاّ أنّ له أدلّة خارجيّة (٣). ولا يجوز بيع الآبق والضالّ بدون الضميمة ؛ نظرا إلى الحال.
ولو ظهر فقدان المسلم فيه قبل حلول الأجل ، ففي تنجيز الخيار وتأخيره خلاف ؛ نظرا إلى الاعتبارين.
ولو عيّن المسلم موضعا لقبض المسلم فيه فيه ، فخرب أو خرب موضع العقد عند الإطلاق ، فهل يتعيّن الحمل إليهما ؛ نظرا إلى الحال ، أو لا ؛ نظرا إلى المآل؟ ولو كان دين الغارم مؤجّلا ، فهل يجوز له أخذ الزكاة قبل حلوله؟ ففيه الوجهان. وأنت تعرف الحقّ فيها وفي أمثالها ممّا يرد عليك بعد ما علمت حقيقة الحال.
فصل [٦]
زاد بعض (٤) الاصوليّين في الحكم الوضعي الرخصة ، ومقابلها العزيمة.
والرخصة لغة (٥) : التسهيل. وعرفا : الحكم الثابت مع قيام ما يقتضي المنع ، لعذر المشقّة والحرج.
__________________
(١) راجع القواعد والفوائد ١ : ٣٦٤ ، القاعدة ١٤٢.
(٢) منهم : فخر المحقّقين في إيضاح الفوائد ١ : ٤٠٣ ، والشهيد في القواعد والفوائد ١ : ٣٦٤ ، القاعدة ١٤٢ ، والشهيد الثاني في مسالك الأفهام ٣ : ١٢٥.
(٣) منها عموم أو إطلاق قوله تعالى : ( وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) ، البقرة (٢) : ٢٧٥. ومنها صحيحة عيص المرويّة في الكافي ٥ : ٢٢٦ ، باب جامع فيما يحلّ الشراء والبيع منه وما لا يحلّ ، ح ٤ ، وتهذيب الأحكام ٦ : ٣٧٣ ، ح ١٠٨٥.
(٤) انظر الإحكام في أصول الأحكام ١ : ١٨٦ و ١٨٧.
(٥) الصحاح ٣ : ١٠٤١ ، « ر خ ص » ، والمصباح المنير : ٢٢٣.