ولا يجوز التخيير بين المباح والحرام وفاقا.
وما روي من تخيير النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ليلة الإسراء بين اللبن والخمر فاختار اللبن ، فقال له جبرئيل : اخترت الفطرة ، ولو اخترت الخمر لغوت أمّتك (١) ، ليس تخييرا بين المباح والحرام ؛ لعدم كون الخمر حراما لو اختار. نعم ، كان له سوء عاقبة ، وهذا غير الحرمة.
تتميم
الحقّ أنّه يصحّ النهي تخييرا ، بمعنى أن يحرّم واحد لا بعينه ، وذلك كتحريم إحدى الاختين جمعا ، وتحريم البنت أو الأمّ ، وتحريم وطء إحدى الأمتين. وهذه المسألة كمسألة الوجوب التخييري اختلافا ، وتحقيقا ، ودليلا ، وردّا ، وإيرادا ، وجوابا ، وتفريعا ؛ فلا نطيل الكلام بذكرها.
فصل [١٢]
الواجب المضيّق ما ساواه وقته. والموسّع ما فضل وقته عليه.
ولا يجوز أن ينقص الوقت من الفعل ؛ للزوم التكليف بما لا يطاق. وما ورد من وجوب الصلاة على الصبيّ إذا بلغ وقد بقي من الوقت مقدار ركعة (٢) ، وعلى الحائض إذا طهرت كذلك (٣) فالمراد منه القضاء.
ثمّ إنّه قد وقع الخلاف في الموسّع في موضعين ، فلا بدّ من ذكره وبيان الحقّ :
[ الموضع ] الأوّل : في ثبوته. فذهب أصحابنا (٤) ومحقّقو العامّة إلى أنّه جائز وواقع (٥) ، بمعنى أنّه يجوز أن يأمر الشارع بفعل في وقت يفضل عنه ، ويكون جميعه وقتا لأدائه ،
__________________
(١) انظر صحيح مسلم ١ : ١٤٥ ، ح ٢٥٩ / ١٦٢.
(٢) ذكرى الشيعة ٢ : ٣٥١.
(٣) تهذيب الأحكام ١ : ٣٩١ ، ح ١٢٠٧.
(٤) قال الشيخ حسن في معالم الدين : ٧٣ : « أكثر الأصحاب » لأنّ ظاهر المفيد هو اختصاص الوجوب بأوّل الوقت.
(٥) راجع : الإحكام في أصول الأحكام ١ : ١٤٦ ، ومعارج الأصول : ٧٤ ، ومعالم الدين : ٧٣.