بمعنى أنّه يجوز إيقاعه في أيّ جزء من أجزائه ، وفي أيّ جزء اتّفق يكون أداء وواجبا بالأصالة ، فمرجعه حقيقة إلى الواجب التخييري. والفرق أنّ التخيير في التخييري بين الجزئيّات المتخالفة بالحقيقة ، وهنا في الجزئيّات المتماثلة بالحقيقة ، المتمايزة بالشخصيّة.
وبعبارة اخرى : التخيير هناك بين جزئيّات الفعل ، وهنا بين أجزاء الوقت.
قالوا : وقد وقع ؛ قال الله : ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ )(١) ، ولا شكّ في تطبيقه على ما ذكر. وكذا الواجبات التي أوقاتها جميع العمر ، كالنذر المطلق وقضاء الواجبات.
والدليل على الجواز : أنّ السيّد إذا أمر عبده بفعل في وقت يفضل عنه ، وخيّره في إيقاعه بين أوّله ووسطه (٢) وآخره ، لم يعدّه العرف محالا (٣) ، بل يجوّزه ويحكم بالامتثال إذا أوقعه في أيّ جزء منه.
وعلى الوقوع : ما ورد من الأوامر المطلقة (٤) التي تدلّ على إيقاع الفعل في وقت يفضل عنه من غير تقييد بأوّله ، أو وسطه ، أو آخره ، أو بجزء معيّن من أجزائه. وليس المراد منها تطبيق أجزاء الفعل على أجزاء الوقت ، ولا تكريره مرّة بعد اخرى حتّى ينقضي الوقت إجماعا ، فتعيّن القول بكونه واجبا على التخيير في أجزاء الوقت.
ثمّ المانعون بين قائل بأنّ الوجوب مختصّ بأوّل الوقت وبعده قضاء ، وهم ثلّة من الشافعيّة (٥). وقائل بأنّه مختصّ بآخره وقبله نفل مسقط للوجوب ، كتقديم الزكاة ، وهم قليل من الحنفيّة (٦). وقائل بأنّه مختصّ بآخره ويقع الفعل قبله مراعى ، فإن بقي المكلّف في آخره على صفة التكليف يظهر أنّ ما أتى به كان واجبا ، وإلاّ كان نفلا ، وهو الكرخي (٧).
واحتجّوا بأنّه لا يجوز الزيادة في الوقت ؛ لأدائها إلى جواز ترك الواجب ، فلا بدّ من
__________________
(١) الإسراء (١٧) : ٧٨.
(٢) في « ب » : « وأوسطه ».
(٣) في « ب » : « مجازا ».
(٤) منها الآية المذكورة آنفا ( الإسراء (١٧) : ٧٨ ).
(٥ و ٦) راجع : الذريعة إلى أصول الشريعة ١ : ١٤٥ ، ومعارج الاصول : ٧٤ ، ومعالم الدين : ٧٣.
(٥ و ٦) راجع : الذريعة إلى أصول الشريعة ١ : ١٤٥ ، ومعارج الاصول : ٧٤ ، ومعالم الدين : ٧٣.
(٧) راجع المصدر.