وإن كذب ظنّه ، وبقي وأتى بالفعل بعد الجزء المذكور ، فالحقّ ترتّب العصيان عليه أيضا ؛ لما ذكر.
وهل فعله حينئذ أداء أو قضاء؟ الصواب أنّه أداء ؛ لصدق تعريفه عليه وعدم اعتبار الظنّ بعد ظهور فساده. وقيل : قضاء ؛ لتعيّن وقته باعتبار الظنّ (١).
وجوابه : أنّ هذا مشروط باستمراره ، ومع ظهور فساده لا عبرة به.
ويجري الأحكام المذكورة في الواجب الذي وقته العمر.
ومن ظنّ السلامة ، أو شكّ بينها (٢) وبين الموت ، وأخّر الفعل عن أوّل الوقت فمات فجأة ، لم يكن عاصيا ؛ لأنّ التأخير جائز له ، ولم يحدث مناف له ، وكذا ما وقته العمر.
والفرق بينهما بأنّه لو أخّر الأخير مع ظنّ السلامة فمات فجأة عصى وإن لم يتحقّق الوجوب ، تحكّم.
وكيفيّة التفريع : أنّ من عليه نذر مطلق إذا ظنّ موته في زمان يجب أداؤه قبله ، ومع التأخير يأثم ، وإن أتى به بعده يكون أداء ، ويلزم نيّة الأداء. وإن ظنّ السلامة فمات فجأة ، لم يكن آثما. وقس عليه باقي الواجبات التي وقتها مدّة العمر ، والواجبات الموسّعة.
فصل [١٣]
اختلف القوم في وجوب ما لا يتمّ الواجب إلاّ به إذا كان مقدورا ـ ويعبّر عنه بمقدّمة الواجب ـ على أربعة أقوال :
الأوّل : الوجوب مطلقا ، ذهب إليه الأكثر.
الثاني : عدمه مطلقا.
الثالث : وجوب السبب دون باقي المقدّمات ، ونسبه الأكثر إلى المرتضى رحمهالله (٣) ، وستعلم ما فيه.
__________________
(١) نسبه الآمدي إلى القاضي أبي بكر في الإحكام في أصول الأحكام ١ : ١٥٠.
(٢) في « ب » : « بينهما ».
(٣) الذريعة إلى أصول الشريعة ١ : ٨٣. وقال الشيخ حسن في معالم الدين : ٦٠ : « وكلامه في الذريعة والشافي غير مطابق للحكاية ».