[ الصورة ] الخامسة : أن يتعلّقا به من جهتين بينهما عموم وخصوص من وجه ، ويكون النسبة بين المأمور به والمنهيّ عنه ذلك ، فيتحقّق الانفكاك من كلّ واحد من الجهتين من وجه ، ويجتمعان أيضا في بعض الموادّ. وحينئذ يتحقّق الوجوب والحرمة في مادّة واحدة باعتبار هاتين الجهتين ، كالصلاة في المكان الغصبي ؛ فإنّ الصلاة مأمور بها ، والغصب منهيّ عنه ، والصلاة في المكان الغصبي فرد لكلّ منهما.
وقد وقع الخلاف في صحّة ذلك ، فالأشاعرة على الصحّة ، وقالوا : إذا أتى المكلّف بما فيه التصادق ، يكون مطيعا عاصيا من جهة الأمر والنهي (١).
والقاضي على أنّه لا يصحّ ذلك ، وإن فعل ذلك كان حراما صرفا (٢) ، إلاّ أنّه مسقط للفرض ؛ فإنّه يمكن أن يصير معصية مسقطة للفرض ، كما أنّ من شرب مجنّنا حتّى جنّ يسقط عنه الفرض (٣).
وأصحابنا وأكثر المتكلّمين على عدم الصحّة ، وعدم سقوط الفرض به. ولم نجد من أصحابنا مخالفا في ذلك سوى الفضل بن شاذان على ما نقل عنه الكليني في كتاب الطلاق من الكافي بأنّه حكم بصحّة الصلاة في الدار المغصوبة (٤).
ويظهر من كلام المرتضى في الذريعة أيضا صحّة الصلاة فيها (٥). وربما دلّ كلامه فيها على جواز اجتماع الوجوب والحرمة في شيء واحد (٦). ونقل عنه الشهيد بأنّه حكم بصحّة الصلاة التي وقعت رياء (٧) ، بمعنى سقوط الفرض بها وإن لم يترتّب عليها الثواب. وهذا يدلّ
__________________
(١) راجع الإحكام في أصول الأحكام ١ : ١٥٨.
(٢) معناه تقديم جانب النهي على الأمر.
(٣) راجع المحصول ٢ : ٢٩١.
(٤) الكافي ٦ : ٩٤ ، باب الفرق بين من طلّق على غير السنّة وبين المطلّقة.
(٥) صرّح السيّد المرتضى في الذريعة إلى أصول الشريعة ١ : ١٩١ بعدم الإجزاء. نعم نسب القول بالصحّة إليه الشهيد في الدروس الشرعيّة ١ : ١٥٢ ، وفي البيان : ٦٣.
(٦) لم نعثر على ذلك في الذريعة بعد الفحص في مظانّه. وقال الشيخ حسن في معالم الدين : ٩٣ : « الحقّ امتناع توجّه الأمر والنهي إلى شيء واحد. ولا نعلم في ذلك مخالفا من أصحابنا » وهذا يشعر بعدم صحّة ما نسب إليه المصنّف.
(٧) قاله السيّد المرتضى في الانتصار : ١٠٠ ، ونقله عنه الشهيد في القواعد والفوائد ١ : ٧٩ ، الفائدة ٣.