ثمّ الحقّ أنّ الإجزاء في العبادة هو موافقة الأمر دون ما يوجب سقوط القضاء ؛ لأنّ القضاء فرض مستأنف يحتاج إلى أمر جديد كما تعلم (١) ، ولو كان الإجزاء ما يوجب (٢) سقوط القضاء ، لكان مستلزما لترتّب القضاء على الأداء.
ثمّ إنّ السيّد لمّا فرّق بين الإجزاء والقبول بالنحو المذكور فرّع عليه الحكم بأنّ كلّ عبادة حكم عليها الشارع بعدم القبول لا تكون مقبولة ، ولكن تكون مجزئة ولا تحتاج إلى القضاء ؛ ولذا ذهب إلى أنّ العبادة بنيّة الرياء مجزئة وإن لم يترتّب عليها الثواب ؛ لأنّ الأخبار الواردة في النهي عن الرياء (٣) إنّما تدلّ على عدم القبول الموجب للثواب (٤).
وأنت تعلم كيفيّة الحال بعد الإحاطة بما حقّقناه.
فصل [١٧]
الحقّ أنّ العبادات ـ كالصلاة والصوم وأمثالهما ـ والعقود ـ كالبيع والصلح ونحوهما ـ والإيقاعات ـ كالنكاح والطلاق وشبههما ـ لا تطلق حقيقة على الفاسد منها ؛ لأنّ هذه ماهيّات جعليّة موضوعة بإزاء ما بيّنه الواضع ، أعني الفعل الخاصّ المشتمل على الأركان والشرائط المخصوصة ، فلو اختلّ أحدها لا يكون من الموضوع له. ويتفرّع عليه عدم الامتثال والخروج عن العهدة إذا فسدت العبادة ، وعدم ترتّب الأثر على العقود الفاسدة.
وتظهر الفائدة في الأيمان ، والنذور ، وأمثالهما أيضا.
فصل [١٨]
إذا رفع الوجوب بسبب النسخ أو انتفاء الشرط أو وجود المانع ، فهل يبقى الجواز أم لا؟ قولان. وقبل الخوض في الاستدلال لا بدّ من تقديم مقدّمة يعلم بها تحرير محلّ النزاع ، وهي أنّ الجواز على قسمين :
__________________
(١) يأتي في ص ١٦٨.
(٢) لم يرد في « ب » : « ما يوجب ».
(٣) منها ما في الكافي ٢ : ٢٢٢ ـ ٢٢٤ ، باب الكتمان ، ح ١ و ١٠ و ١٤.
(٤) راجع الانتصار : ١٠٠.