زمان الغيبة لا يجوز فعلها على ما اخترناه ، فيبطل التخيير. وقس عليه نظائره.
ثمّ اعلم أنّ بعض القائلين ببقاء الجواز ذهب إلى أنّ الباقي هو المعنى الظاهر من الجواز ، أي الإباحة (١). وقال بعضهم : إنّ الباقي هو الاستحباب (٢). وقال بعضهم : الباقي ما يعمّهما (٣) والمكروه (٤).
ولا يخفى أنّه لو تمّ قولهم كان خير أقوالهم أوسطها ؛ لأنّ الوجوب مركّب من الإذن في الفعل ورجحانه والمنع من الترك ، فإذا رفع الأخير بقي الأوّلان.
[ البحث في أفعال المكلّفين والمكلّف ]
واعلم أنّه لمّا كان البحث في المبادئ الأحكاميّة عن الحكم والحاكم والمحكوم فيه ـ وهو أفعال المكلّفين ـ والمحكوم عليه ـ وهو المكلّف ـ وقد ذكرنا الأبحاث المتعلّقة بالأوّلين ، فلا بدّ من ذكر الأبحاث المتعلّقة بالأخيرين ، فنذكرها في فصول :
فصل [١٩]
امتناع التكليف بالمحال ظاهر ؛ لقبحه ، فلا يصدر من الحكيم. ولم يخالف أحد سوى الأشاعرة (٥) ، ولهم شبه واهية. ولمّا كان ثبوت المطلوب وضعف شبه المخالفين. وكيفيّة التفريع في غاية الوضوح ، فلا نطيل الكلام بذكرها.
مسألة : لا يشترط في التكليف بفعل حصول الشرط الشرعي له ، ولذا يجب الصلاة على
__________________
(١) جعله المطيعي في سلّم الوصول المطبوع مع نهاية السؤل ١ : ٢٣٧ مقتضى كلام صاحب المحصول.
(٢) نسبه الطرطوشي إلى المالكيّة ، كما في المصدر.
(٣) في « ب » : « يعمّها ».
(٤) نسبه المطيعي إلى الأكثر في سلّم الوصول المطبوع مع نهاية السؤل ١ : ٢٣٧.
(٥) قال الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ١ : ١٧٩ : « اختلف قول أبي الحسن الأشعري في جواز التكليف بما لا يطاق نفيا وإثباتا ... وميله في أكثر أقواله إلى الجواز ».