فصل [٢٤]
الفعل المكلّف به إذا كان مشروطا بشرط ، فإن جهل الآمر انتفاء شرطه ، يصحّ التكليف به (١) إجماعا ، كتكليف السيّد عبده بفعل (٢) في غد مع جهله بموته قبله.
وإن علم انتفاءه لم يصحّ التكليف به على الأقوى ، وفاقا لمحقّقي أصحابنا والمعتزلة (٣) ، وخلافا للأشاعرة (٤). فكلّ فعل مكلّف به في زمان لا بدّ أن يدرك المكلّف مقدارا منه يتمكّن فيه من أدائه ، فإن علم عدم الإدراك سقط الوجوب ، كتكليف زيد بصوم غد مع العلم بموته أو جنونه فيه أو قبله. وإن لم يعلم يجب الشروع فيه ، فإن أدرك جميع الوقت استقرّ الوجوب ، وإلاّ تبيّن (٥) سقوطه.
لنا : أنّ الإتيان بالفعل مع عدم شرطه غير ممكن ، فالتكليف به تكليف بما لا يطاق.
وأيضا لو صحّ التكليف مع علم الآمر بانتفاء الشرط ، لصحّ مع علم المأمور به أيضا ، واللازم باطل بالإجماع. وبيان الملازمة ظاهر.
واجيب : بأنّ الأمر كما يحسن لمصلحة في المأمور به ، كذلك (٦) قد يحسن في نفس الأمر ، كما إذا أمر السيّد عبده ، أو غيره غيره بفعل للامتحان مع علمه بأنّه يمنعه عن الفعل ، وحينئذ لا يلزم التكليف بما لا يطاق ؛ لأنّه يلزم إذا كان المراد من الأمر فعل المأمور به (٧) بانتفاء الشرط ؛ لأنّه لا معنى حينئذ للامتحان (٨).
ولا يخفى أنّه لو حسن الأمر لنفسه (٩) لا للمأمور به ، لما دلّ مطلق الأمر بشيء على حسن المأمور به ، ولا على وجوب مقدّمته ، ولا على النهي عن ضدّه ، بل توقّف ذلك على ثبوت أنّ
__________________
(١) لم يرد في « ب » : « التكليف به ».
(٢) لم يرد في « ب » : « بفعل ».
(٣ و ٤) راجع معالم الدين : ٨٢.
(٥) في « ب » : « يتبيّن ».
(٦) لم يرد في « ب » : « كذلك ».
(٧) في « ب » بعد « به » : « ولا صحّة التكليف مع علم المأمور به ».
(٨) حكاه الشيخ حسن في معالم الدين : ٨٤ و ٨٥.
(٩) أي لمصلحة في نفس الأمر لا في المأمور به.