تتمّة
الخبر يطلق تارة على ما يقابل الإنشاء ، وهو الذي ذكرناه (١). واخرى على ما يرادف الحديث وهو قول المعصوم ، أو حكاية قوله ، أو فعله ، أو تقريره.
وتحديده بأنّه « ما يحكي قوله » (٢) إلخ. منتقض العكس بما سمع منه من غير أن يحكيه عن معصوم آخر ، والطرد بعبارات غيره المتضمّنة لنقل الحديث بالمعنى.
وتحديده بـ « ما جاء عن المعصوم » (٣) لا يخفى فساده ؛ فالأصحّ ما ذكر أوّلا (٤).
وقد يجعل الحديث أعمّ مطلقا من الخبر (٥).
وقد يخصّ الحديث بما جاء عن المعصوم ، فيقال للعالم بما جاء عن النبيّ والأئمّة : المحدّث ، والخبر بما جاء عن غيره ، فيقال للعالم بالتواريخ وأمثالها : الأخباريّ (٦).
ولا يخفى أنّ هذه اصطلاحات ، ولا مشاحّة فيها ، لكنّ أشهر استعمالات الحديث عندنا ما ذكر أوّلا (٧). وأمّا عند العامّة ، فيطلق على قول الصحابي أو التابعي ، وعلى حكاية قولهما أو فعلهما أو تقريرهما.
فائدة
ذهب المرتضى رحمهالله (٨) من أصحابنا وبعض العامّة (٩) إلى أنّه لا بدّ في كون صيغة الخبر خبرا واستعمالها في فائدتها من قصد المخبر كونها خبرا ، وبدونه لا تكون خبرا.
__________________
(١) تقدّم في ص ٢٠٣.
(٢) ذهب إليه أحمد البصري في فائق المقال : ٤١ ، والقمّي في قوانين الاصول ١ : ٤٠٩.
(٣) أشار الشهيد الثاني إلى هذا التعريف في البداية في علم الدراية : ٢٨ ، وشرح البداية : ٥٤.
(٤) أي قول المعصوم أو حكاية قوله أو فعله أو تقريره.
(٥ و ٦) حكاه قولا في تدريب الراوي ١ : ٤٢ و ٤٣.
(٧) أي قول المعصوم أو حكاية قوله أو فعله أو تقريره.
(٨) الذريعة إلى أصول الشريعة ٢ : ٤٧٨ ، وذهب إليه غيره من أصحابنا الشيخ في العدّة في أصول الفقه ١ : ٦٤ ، والمحقّق الحلّي في معارج الاصول : ١٣٨.
(٩) ذهب إليه من العامّة البصري في المعتمد ٢ : ٧٣. وفي ذيله ما يوهم المنافاة ولا منافاة عند التأمّل ، والغزالي في المستصفى : ١٠٦ ، والتفتازاني في المطوّل : ٤٨ : « ... فإنّ ضرب مثلا لا يصير خبرا ... ».