وجوابه : أنّه إن اريد الاطّراد في كلّ خبر انضمّ إليه القرائن المعتبرة في حصول العلم ، فنمنع بطلان اللازم. وإن اريد الأعمّ ، فالملازمة ممنوعة. والفرق ظاهر.
وقد احتجّوا بوجوه ضعيفة أخر (١) لا فائدة في نقلها ؛ لظهور فسادها.
ثمّ الحقّ : أنّ التصفّح يعطي وجود الأخبار المحفوفة بالقرائن في ضمن الأخبار المرويّة عن أئمّتنا عليهمالسلام ، وهي الأخبار التي انضمّت بالقرائن المفيدة للعلم ، وهي عندنا آية محكمة ـ خصوصها ، أو عمومها ، أو فحواها ـ أو سنّة قطعيّة كذلك ، أو دلالة العقل ، أو الإجماع. فإن عثرت على خبر واحد وافق إحدى الأربع ، فاحكم بكونه محتفّا بالقرينة ، مفيدا للعلم لا يعارضه شيء من الأدلّة الظنّيّة ، ولا يجوز تعارضه لما يفيد العلم ، كما عرفت (٢).
وقد وقع الخلاف في أنّ إفادة العلم من القرائن فقط ، أو منها ومن الخبر؟ (٣)
ويظهر الفائدة فيما دلّ عليه القرائن من دون خبر ، كالشهادة بالإعسار عند صبره على الجوع وأمثاله في الخلوة ، والتصرّف في الهديّة من غير لفظ ، وقبول بعض الامور من الصبيّ المميّز ، وأكل طعام الأصدقاء ، وبعض التصرّفات في امورهم ، وأمثالها.
والتحقيق أنّ كثيرا من المواضع لا يحصل العلم [ فيها ] من القرائن فقط ، بل يحصل بانضمام الخبر إليها.
نعم ، يمكن أن يتظاهر القرائن في بعض الموارد بحيث تفيد العلم ، وحينئذ يجب العمل بها.
تذنيب
ذهب بعض الناس إلى أنّ كلّ خبر يفيد العلم ، سواء اقترن بالقرينة أم لا (٤).
والحقّ : أنّه ظاهر البطلان ؛ لأنّ كلّ أحد يجد من نفسه تزايد اعتقاده الحاصل من خبر الواحد عند ازدياد الأخبار حتّى يصير يقينا ، ولو حصل العلم من الخبر الأوّل
__________________
(١) راجع : منتهى الوصول : ٧١ ، وشرح مختصر المنتهى ١ : ١٥٦.
(٢) آنفا ؛ لأنّ تعارض العلمين محال عادة.
(٣) راجع الإحكام في أصول الأحكام ٢ : ٤٨.
(٤) راجع : الذريعة إلى أصول الشريعة ٢ : ٥١٧ ، ومعارج الاصول : ١٤٠.