امتنعت الزيادة. والتفاوت في العلم وإن كان ممكنا إلاّ أنّ الجميع مشترك في كونه مانعا من النقيض ، وهنا ليس الأمر كذلك ؛ لأنّ كلّ واحد من الأخبار لا يمنع النقيض حتّى ينتهي إلى حدّ التواتر.
وأيضا لو كان الخبر الواحد مفيدا للعلم ، وجب تخطئة المخالف له في الاجتهاد ، وهو باطل.
واحتجّ من قال بإفادته العلم : بأنّ العمل به واجب إجماعا ، ولو لم يفد العلم لم يجز العمل به ؛ لظواهر الآيات الدالّة على ذمّ اتّباع الظنّ ، كقوله تعالى : ( وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ )(١) ، وقوله تعالى : ( إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَ )(٢) في معرض الذمّ (٣).
وقد عرفت جوابه فيما تقدّم (٤) ، وأشرنا هناك أنّ هذا مذهب الأخباريين من أصحابنا في الأخبار المرويّة عن أئمّتنا عليهمالسلام ، وأجبنا عن شبههم ، وبيّنّا فساد رأيهم بطرق (٥) قطعيّة.
فصل [٧]
الحقّ أنّه إذا أخبر واحد بحضرة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ولم ينكر عليه لم يدلّ على صدقه ، إلاّ أن يستشهده به وادّعى عليه علمه.
أمّا الثاني ، فظاهر.
وأمّا الأوّل (٦) ، فلإمكان عدم سماعه ، أو فهمه ، أو تأخيره إلى وقت بيان الحاجة ، أو عدم علمه (٧) به ؛ لكونه دنيويّا.
ويظهر منه عدم حجّيّة مثل هذا الخبر ؛ وهو أظهر لو أخبر بحضرة واحد من الأئمّة عليهمالسلام ؛ لإمكان التقيّة وغيرها من المصالح.
__________________
(١) الإسراء (١٧) : ٣٦.
(٢) النجم (٥٣) : ٢٣.
(٣) نسبه الآمدي إلى أحمد بن حنبل وبعض أصحاب الحديث في الإحكام في أصول الأحكام ٢ : ٤٨.
(٤) ص ١٩٨ ـ ١٩٩.
(٥) في « ب » : « بطريق ».
(٦) مراده من الثاني صورة ما بعد الاستثناء ، ومن الأوّل ما قبله.
(٧) فيه إنكار عموم علمه عليهالسلام.