فصل [٨]
قيل : التواتر السكوتي ـ وهو إخبار واحد بحضرة جماعة بلغوا عدد التواتر مع سكوتهم ـ يفيد صدق الخبر (١).
وقيل : يلزم تقييده بما إذا استشهدوا به ، وعلم كونهم عالمين به ؛ لكون الخبر ممّا امتنع عادة (٢) عدم علمهم به ، أو لأمر آخر ، ولم يعلم داع لهم على السكوت من رغبة ، أو رهبة (٣).
وغير خفيّ أنّ الخبر مع الشروط الثلاثة يفيد العلم بصدقه عادة ؛ لأنّ سكوتهم وعدم تكذيبهم مع علمهم بكذبه يستحيل عادة.
والوجه في اعتبار الشرط الثاني (٤) ظاهر ؛ لأنّ الخبر إذا كان غريبا لا يمكن أن يطّلع عليه إلاّ الأفراد ، فيمكن عدم اطّلاع واحد منهم ، فسكوتهم (٥) لهذا.
وأمّا اعتبار الشرط الأوّل (٦) ، فالظاهر عدم لزومه ؛ لأنّه يبعد سكوت هذا الجمع الكثير عن التكذيب مع علمهم بكذبه وإن لم يستشهدوا. نعم ، هو يفيد التقوية والتأكيد.
وكذا الشرط الثالث (٧) أيضا ؛ لأنّ اجتماع الجمّ الغفير على كتمان ما علموه بحيث لم يشذّ منهم واحد ، يستحيل عادة وإن فرض وجود داع لهم ، ولذا لم يسمع اتّفاق أهل بلد على كتمان الرخص ، أو الغلاء مع وجود داع لهم.
فصل [٩]
العامّة على أنّ ما توفّر الدواعي على نقله ـ كاصول الأديان ، وفروعها الضروريّة ، والمعجزات العظيمة ، والحوادث الغريبة ، كقتل السلطان وأمثاله ـ إذا تفرّد بالخبر عنه
__________________
(١) راجع المحصول في علم أصول الفقه ٤ : ٢٨٦.
(٢) لم يرد في « ب » : « عادة ».
(٣) ذهب إليه ابن الحاجب في منتهى الوصول : ٧٢ ، والقاضي عضد الدين في شرح مختصر المنتهى ١ : ١٥٨.
(٤) وهو قوله : « علم كونهم عالمين به ».
(٥) في « ب » : « وسكوتهم ».
(٦) هو قوله : « إذا استشهدوا به ».
(٧) وهو قوله : « ولم يعلم داع لهم على السكوت ».