ودوّنها الأصحاب ، لا أنّ كلّ خبر يرويه الإمامي يجب العمل به (١) ، وذلك لما عرفت من تصريح الشيخ بعدم اعتبار القرائن المفيدة للعلم.
والتأييد الذي ذكره لا يدلّ على مطلوبه أصلا ؛ لأنّ وجوده في اصول الأصحاب لا يوجب إفادة العلم ، وإلاّ لم يحصل هذا الاختلاف بينهم حتّى أنّ كثيرا ما يناقض واحد منهم نفسه في كتابين ، بل في كتاب واحد. فالحقّ أنّهم أيضا كانوا مثلنا في عدم تمكّنهم لتحصيل القرائن المفيدة للعلم إلاّ في قليل.
نعم ، هذا التمكّن كان حاصلا لأصحاب الأئمّة عليهمالسلام.
فصل [١١]
للعمل بخبر الواحد شرائط أكثرها يتعلّق بالراوي ، وبعضها يتعلّق بغيره.
والثاني ثلاثة أمور :
الأوّل : وجوده في أحد الكتب المعتبرة للشيعة ، كالكتب الأربعة ، أو غيرها ممّا ثبت حجّيّته عندنا.
والثاني : عدم وجود معارض أقوى منه من الآيات ، أو الأخبار ، أو الأدلّة العقليّة ، أو الإجماعات المنقولة. ولعلّك تعرف تفصيل ذلك في موضعه (٢).
والثالث : عدم مخالفته لعمل الأصحاب ، فلو لم يعمل به أحد من الأصحاب لا يجوز العمل به ، كما ورد أنّ المستحاضة إذا أخلّت بالأغسال تقضي صومها دون صلاتها (٣).
ولو كان مخالفا للشهرة يجوز العمل به بشرط أن يكون الظنّ الحاصل منه أقوى من الظنّ الحاصل منها ، ولو عكس لا يجوز (٤) ؛ لعدم جواز ترجيح المرجوح ، وهو يختلف باختلاف المرجّحين ، وملاحظة القرائن الخارجيّة.
__________________
(١) قاله الشيخ حسن في معالم الدين : ١٩٧ و ١٩٨. وفيه : « لتظهر مخالفتهم لرأيه فيه ».
(٢) راجع ج ٢ ، ص ٩٧٣ ، في التعادل والتراجيح.
(٣) الفقيه ٢ : ١٤٤ ، ح ١٩٩١.
(٤) في « ب » : « لم يجز ».