بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جعل علم الاصول وسيلة للصعود إلى مدارج حقائق المباحث الشرعيّة ، وصيّره ذريعة للعروج إلى معارج دقائق المسائل الفقهيّة.
أحمده على ما ألهمنا من قواعد المعارف والعلوم الأصليّة ، ووفّقنا للإرشاد إلى مسالك مدارك دروس الشرائع والأحكام الفرعيّة.
والصلاة والسلام على نبيّنا الذي مهّد القوانين والضوابط الكلّيّة ، ولم يدع شيئا من المطالب والمقاصد الجزئيّة. فصلوات الله عليه وعلى آله الذين قرّروا المعالم الدينيّة ، وبيّنوا النواميس النبويّة.
أمّا بعد ؛ فيقول الحقير في أنظار أرباب العقول ، مهديّ بن أبي ذرّ النراقي ـ حشرهما الله مع آل الرسول ـ : إنّ علم الأصول ممّا لا يخفى علوّ رتبته ، وسموّ مرتبته ، وجلالة شأنه ، وشرافة مكانه ، وفخامة فائدته ، وجسامة عائدته ، ومتانة دلائله ، ورشاقة مسائله ، ووثاقة مبانيه ، وحلاوة معانيه ، وتوقّف المباحث الشرعيّة عليه ، وافتقار المسائل الفرعيّة إليه ، وهو عمدة ما يحصل به الاجتهاد ، والوصول إليه دونه خرط القتاد (١).
وإنّي بعد ما سرحت النظر في مراتع مسائله ، وأجلت الفكر في ميادين دلائله ، ظفرت على فوائد جمّة خلت عنها كتب أكثر العلماء ، وعثرت على قواعد مهمّة لم يأت بها اولو الأيدي الأذكياء ، فجمعتها في هذا الكتاب ؛ تبصرة للأحباب ، وتذكرة لاولي الألباب ، لعلّ
__________________
(١) مثل يضرب لبيان كون الأمر مشكلا جدّا ، كما في المعجم الوسيط : ٧١٤ ، « ق ت د » : « يضرب للشيء لا ينال إلاّ بمشقّة عظيمة ».