وأمّا الثاني ؛ فلأنّ السبب إذا كان مدحا أفاد الوثاقة ، يوجب التثبّت وحصول الظنّ بالصدق ، فيجب قبوله وإن لم يثبت منه العدالة. والبصير يعلم أنّ المعتبر في قبول الخبر صدق مخبره ، ولا مدخليّة لسائر أفعال الجوارح والاعتقاد ، كما صرّح به الشيخ في العدّة (١). فإذا عرف صدقه ، كان خبره مقبولا وإن كان فاسد العقيدة ، ومذموما في بعض الأفعال. وإن لم يعرف صدقه ، لم يكن خبره مقبولا وإن كان صحيح الاعتقاد وممدوحا في بعض الأفعال. والسرّ في اشتراط العدالة هو استلزامها الصدق ، واستبعاد اجتماع الفسق بالجوارح مع الصدق.
ثمّ الحجّيّة والقبول إذا لم يكن شاذّا ولا معارضا بغيره ، ومع الشذوذ والمعارضة يجب الطرح وطلب المرجّح.
وعمل طائفة من الأخباريين بالأخبار الشاذّة (٢) ؛ بناء على عدم حجّيّة الإجماع عندهم ، وستعلم الحال (٣).
هذا ، وأمّا الضعيف بأقسامه ، فلا ريب في عدم كونه مقبولا وإن كان قويّا ؛ والسرّ ظاهر.
نعم ، الحقّ أنّه إذا انجبر بعمل الأصحاب سيّما القدماء منهم ، يكون مقبولا ؛ لحصول التثبّت والعثور على كونه معتمدا عليه ، وليس الحجّة حينئذ هو عمل القوم ؛ لأنّه ليس حجّة إذا لم يكن إجماعا ، بل الخبر المنجبر ؛ لما ذكر (٤). ولا استبعاد بعد الدليل في عدم حجّيّة أمر ، وصيرورته حجّة بعد اقترانه بأمر آخر وإن لم يكن هو حجّة مستقلّة.
فائدة
المشهور بين العامّة والخاصّة التسامح في أدلّة السنن ، فيقبلون الخبر الضعيف في المستحبّ والمكروه ، ونحو المواعظ والقصص إذا لم يبلغ الضعف حدّ الوضع. وهو حقّ.
لنا : ما رواه الفريقان عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : « من بلغه عن الله فضيلة فأخذها وعمل بما
__________________
(١) العدّة في أصول الفقه ١ : ١٣٤.
(٢) حكاه الوحيد البهبهاني في الفوائد الحائريّة : ٣٩٥.
(٣) راجع بحث الإجماع ص ٣٦٧.
(٤) أي لحصول التثبّت.