ويعكس الأمر فيمن عكس حاله ، كعليّ بن أسباط (١) ، والحسين بن يسار (٢) ، ونظرائهما ممّن تاب ورجع بعد الإنكار ، أو اتّصف بالعدالة بعد كونه فاسقا.
ثمّ ما رواه أحد هؤلاء إن عرف أنّه في أيّ الوقتين رواه ، فيتّصف بما يقتضيه هذا الوقت. ومعرفة ذلك إمّا بالتأريخ ، أو بقول الراوي : « حدّثني قبل اختلاطه » أو « بعده » أو ببعض القرائن. ومع الإطلاق والجهل بالتأريخ وعدم مائز آخر ، يقع الشكّ فيلزم ردّه.
وهنا إشكال مشهور ، وهو أنّ كثيرا من الرجال كانوا على الحقّ ثمّ رجعوا إلى خلافه ، أو بالعكس ، والقوم يعتمدون على رواياتهم ويقبلونها مع الشكّ في وقت أداء الرواية.
والجواب : أنّ الاعتماد والقبول إن كان من الأقلّين ، فلا إشكال ؛ لعدم حجّيّة في قولهم ، فلا يعبأ به ، وإن كان من الأكثرين أو الجميع وكان مرادهم من الاعتماد الوثاقة ، بمعنى كونها موثّقات دون الصحاح ، فلا إشكال أيضا ؛ لأنّ أكثر هؤلاء رواياتهم من الموثّقات ؛ لكونهم موثّقين في القول وإن لم يكونوا إماميّين.
وإن كان مرادهم منه عدّ رواياتهم من الصحاح ، فنقول : إنّ قدماء القوم لمّا كانوا مطّلعين على حقيقة الأمر لقرب عهدهم إلى هؤلاء ، فيمكن أن يقال : إنّهم اطّلعوا على أنّ السماع من هؤلاء ، أو النقل من اصولهم كان قبل اختلاطهم ، أو بعد استقامتهم ، أو أخذ هؤلاء كان من شيوخ أصحابنا الموثوق بهم ، كما قيل في عليّ بن الحسين (٣) الطاطري : إنّه روى كتبه عن رجال موثوق بهم من أصحابنا (٤).
فائدة
قد أشرنا فيما تقدّم (٥) أنّ الشهادة والرواية تشتركان في كونهما إخبارا عن الجزم ، وتفترقان في أنّ المخبر عنه إن كان خاصّا بمعيّن فهو الشهادة ، وإن كان عامّا فهو الرواية.
__________________
(١) المصدر : ٢٥٢ ، الرقم ٦٦٣.
(٢) اختيار معرفة الرجال : ٤٤٩ ، ح ٨٤٧. وفيه : « بشّار » مكان « يسار ».
(٣) كذا في النسختين. والصحيح عليّ بن الحسن ؛ لعدم وجود عليّ بن الحسين الطاطري في الكتب الرجاليّة.
(٤) قاله الشيخ في الفهرست : ٢١٦ ، الرقم ٤٧٠.
(٥) في ص ٢٧٩ ، الفصل ١٤.