وممّا يدفع الأوّل ما تقدّم (١) من جواز وقوع أحد المترادفين مقام الآخر في إفادة أصل المعنى بلا شبهة.
واحتجّ القائل بعدم الجواز مطلقا بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « نضّر الله من سمع مقالتي » (٢) إلى آخره ، وبأنّ فتح هذا الباب يؤدّي إلى الإخلال بمقصود الحديث ؛ لاختلاف العلماء في معاني الألفاظ ، والتنبيه في الاستنباط ، فالنقل في كلّ مرّة يوجب تغييرا ما حتّى يحصل تغيير كثير ، فيتغيّر المقصود بالكلّيّة (٣).
والجواب عن الأوّل : أنّ النقل بالمعنى بشرطه تأدية على نحو السماع.
و [ الجواب ] عن الثاني : أنّه خروج عن المتنازع فيه ؛ لأنّ النقل المجوّز ما لا يستلزم تغييرا ، وإلاّ لم يجز وفاقا.
واحتجّ المفصّل على الجزء الإثباتي بما أشرنا إليه أخيرا ، وعلى الجزء السلبي بمثل ما احتجّ به المانع مطلقا.
وقد عرفت جوابه.
فصل [٢٠]
إذا روى ثقة خبرا مجملا عن المعصوم وحمله على أحد محامله ، فالأكثر على لزوم حمله عليه ؛ لأنّ الظاهر أنّه لم يحمله عليه إلاّ لقرينة.
وإن كان ظاهرا في معنى وحمله على غيره ، فالأكثر على لزوم العمل بالظاهر ؛ لأنّه لازم العمل ، كما تقدّم (٤). وقول الراوي ليس حجّة حتّى يعارض ما هو حجّة ، بل هو كقول غيره ، ولذا قال الشافعي : كيف أترك الحديث بقول من لو عاصرته لحاجته؟! (٥)
ولا يخفى أنّ ما ذكر في الصورة الاولى يتأتّى هاهنا أيضا (٦) ، فإن قبل قوله هناك لما ذكر ،
__________________
(١) تقدّم في ص ٤٣.
(٢) تقدّم تخريجه في ص ٢٥٤.
(٣) تقدّم في ص ٢٩٢.
(٤) في ص ٢٢٠.
(٥) حكاه عنه ابن الحاجب في منتهى الوصول : ٨٦ ، والقاضي عضد الدين في شرح مختصر المنتهى ١ : ١٨٢.
(٦) في « ب » : « أيضا بقول ».