كلّ واحد من الروايتين والواقعتين ؛ نظرا إلى أنّ الشكّ لا يزيل اليقين.
نعم ، لو اعتبر العلم بصدق رواتهما ، أو بيّنتهما معا ـ أي من حيث الاجتماع ـ فلا يجوز العمل ؛ ولا دليل عليه.
هذا ، وأمّا إذا لم يكذّب الأصل الفرع ، بل كان شاكّا ـ بأن يقول : لا أدري رويته أم لا ـ فالأكثر على قبولها ؛ لأنّ العدل روى رواية ولم يكذّبه الأصل ؛ فيجب قبولها. وسكوت الأصل لا ينافيه ، كما إذا مات أو جنّ.
احتجّ الخصم بأنّه لو جاز ذلك في الرواية لجاز في الشهادة أيضا ، واللازم منتف قطعا (١).
والجواب : أنّ باب الشهادة أضيق ، كما أشرنا إليه فيما تقدّم (٢).
وبأنّه لو جاز ذلك لجاز للحاكم العمل بحكمه إذا نسيه وشهد به شاهدان.
واجيب بالتزامه.
هذا ، والظاهر أنّ الأصل لو قال : ظنّي أنّه ما رويته ، لكان حكمه كذلك إذا جزم الفرع بروايته عنه ؛ لتأتّي ما ذكر فيه أيضا.
نعم ، إن كان الفرع أيضا ظانّا في روايته عنه ، أو شاكّا ، أو كان كلاهما شاكّين ، سقطت روايته ؛ لتعارض كلّ واحد من الظنّ (٣) والشكّ بمثله ، ويبقى أصل العدم سالما.
والضابط : أنّه إن تعادل قولهما أو ترجّح قول الأصل ، وجب الردّ ، وإلاّ القبول. ووجهه ظهر ممّا ذكر سابقا ولا حقا.
فصل [٢٢]
قد يوجد في الرواة من لم يذكر في كتب الرجال بجرح ولا تعديل ، ولكنّ مشايخنا المتقدّمين قد أكثروا الرواية عنهم ، واعتنوا بشأنهم ، وفقهاؤنا المتأخّرون حكموا بصحّة أخبارهم في أسانيدها ، نحو أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار ، والحسين بن الحسن بن (٤)
__________________
(١) قاله ابن الحاجب في منتهى الوصول : ٨٤.
(٢) تقدّم في الفصل ١٤ ص ٢٧٩.
(٣) أي الظنّ بعدم الرواية كما ادّعاه الأصل ، والظنّ بالرواية كما ادّعاه الفرع ، وكذلك الشكّ.
(٤) لم يرد في « ب » : « الحسن بن ».