وإذا قال : « من السنّة كذا » أو « كنّا نفعل كذا » أو « كانوا يفعلون كذا » فقد ظهر حكمه فيما تقدّم (١).
[ طرق تحمّل الحديث ]
وإن روى عن غير المعصوم ، فلمستنده وجوه ثمانية ، وهي طرق التحمّل للحديث في أمثال هذا الزمان :
أوّلها : السماع من الشيخ ، سواء كان بإملائه من حفظه ، أو بقراءته في كتابه. وهو أعلى الطرق على الأقوى ؛ لأنّ الشيخ أعرف بوجوه تأدية الحديث وضبطه ، ولأنّه خليفة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وسفيره ، والآخذ منه كالآخذ منه صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ ولأنّ السامع أوعى قلبا وأجمع فكرا ، وتوزّعه (٢) للقارئ.
والدالّ عليه قول الراوي : « سمعته » أو « حدّثنا » أو « أخبرنا » إن قصد سماعه (٣) ، ولو لم يقصد ذلك يقول : « حدّث » أو « أخبر » ، ولا يضيفه إلى نفسه ؛ لأنّه يدلّ على القصد.
وقد شاع بين المتأخّرين تخصيص الأخير (٤) بالقراءة على الشيخ ، كما شاع بينهم تخصيص « أنبأنا » و « نبّأنا » بالإجازة (٥).
ويدلّ عليه أيضا « قال » مطلقا ، أو بزيادة لفظة « لي » أو « لنا ». واحتمال دلالته على السماع بالواسطة قد عرفت ضعفه (٦).
وثانيها : القراءة على الشيخ ، بشرط أن لا ينكر عليه ، وعلم منه الاعتراف بمضمونه إمّا بتصريحه والإقرار به ، أو من سكوته وانضمام القرائن المفيدة ، ولم يوجد أمر يوجب السكوت ، كالغفلة ، والإكراه ، أو غيرهما ، وتسمّى عرضا.
__________________
(١) آنفا.
(٢) أي تفرّق الفكر ، مجرور باللام الجارّة عطفا على « أنّ السامع » ، وفي شرح البداية : ١٢٨ : « وشغل القلب وتوزّع الفكر إلى القارئ أسرع ». وهذه العبارة موجودة في قوانين الاصول ١ : ٤٨٨.
(٣) في « ب » : « إسماعه ».
(٤) أي أخبرنا. راجع مقدّمة ابن الصلاح : ٩٩.
(٥) راجع شرح البداية : ١٣٠ ـ ١٣١.
(٦) في ص ٢٩٧.