فائدة
تصرّف المعصوم تارة بالإمامة ، كالجهاد والتصرّف في بيت المال.
وتارة بالقضاء ، كفصل الخصومة بين المتخاصمين بالبيّنة ، أو اليمين ، أو الإقرار.
وتارة بالتبليغ ، وهو الفتوى.
والإمامة رئاسة عامّة في امور الدين والدنيا.
والقضاء ولاية في الحكم شرعا لمن له أهليّة الفتوى بجزئيّات القوانين الشرعيّة على أشخاص معيّنة من البريّة ، بإثبات الحقوق واستيفائها للمستحقّ. فالإمامة مبدأ القضاء وأعمّ منه ؛ لأنّه بعض أفرادها ، ولها أفراد أخر ، كما اشير إلى بعضها (١).
والحكم إلزام أحد المتداعيين فيما ينازعان بما يقتضيه المسائل الاجتهاديّة وغيرها. وعلى هذا فالقضاء مبدأ الحكم وهو مسبوق بالقضاء ، ولا يمكن تحقّقه بدونه ؛ لاستلزامه الولاية المذكورة ، ويمكن تحقّقها بدونه ؛ فإنّ من حصل له شرائط الاجتهاد حصل له الولاية المذكورة ، مع أنّه يمكن أن لا يصدر منه الإلزام المذكور أصلا.
وبالجملة ، القضاء هو الصفة النفسيّة. والحكم الفعل الخارجي المترتّب عليه. فالصادر من القاضي والواقع منه في الخارج ليس إلاّ الحكم.
وقد يطلق الحكم على الولاية المذكورة ، كما يقال : « فلان صاحب الحكم ».
وقد يطلق القضاء على نفس الإلزام ، وهذا هو المراد في جميع ما ينسب إليه من القضاء بعنوان الصدور.
هذا ، والفتوى ـ كما عرفت (٢) سابقا ـ مجرّد إخبار عن حكم الله في قضيّة خاصّة ، ومنه جميع تصرّفات المعصوم ، أو نائبه في العبادة.
والفرق بين الحكم والفتوى إمّا بالحقيقة ، أو بالخواصّ.
أمّا الأوّل فظاهر ؛ لأنّ الحكم إنشاء خاصّ ، والفتوى إخبار.
__________________
(١) يأتي في ص ٣٢٨.
(٢) في ص ٢٩١.