ضمّ بالتقرير الاستبشار ، صار حجّيّته أوضح.
ثمّ إنّ حجّيّته مشروطة بعدم تقيّة ، أو مصلحة اخرى ، وبعدم تقدّم الإنكار وبيان ثبوت نقيضه ، أو يتقدّمه لكن علم من شأن الفاعل أنّ إنكاره عليهالسلام (١) ينفعه ، فمع ذلك إذا لم ينكر دلّ على صحّة ما فعل ، وكان ناسخا لما سبق.
وأمّا إذا تقدّم الإنكار وبيان ثبوت نقيضه ، وعلم أنّ الفاعل يعلمه وينكره وإنكاره عليهالسلام (٢) لفعله لا ينفعه ، بل هو مصرّ عليه ، لم يكن تقريره وعدم إنكاره حجّة ، كما إذا مضى كافر إلى كنيسة فرآه فلم ينكر عليه.
هذا ، والأصل عدم المانع من حجّيّته حتّى يعلم خلافه.
وإذا عرفت ذلك ، فكيفيّة التفريع ظاهرة عليك.
وقد فرّع عليه الشافعي اعتبار القيافة في إثبات النسب ؛ لما نقل عنه صلىاللهعليهوآله من الاستبشار وترك الإنكار بعد حكم مجزّز المدلجيّ بالقيافة في قضيّة زيد واسامة ؛ حيث قال ـ حين نظر إلى أقدامهما ـ : هذه الأقدام بعضها من بعض. وإنّما كان ذلك بعد ما طعن المنافقون في نسب زيد بسواد أحدهما وبياض الآخر ، وحكم الشرع بثبوته (٣).
واجيب عنه بأنّ ترك الإنكار إنّما هو لأجل أنّ المطلوب كان حقّا في الواقع ، موافقا لقول الشارع ، والطريق كان حقّا عندهم ؛ لأنّهم يعتقدون القيافة ، فكان ذلك إلزاما عليهم ، والإلزام لا يلزم أن يكون بمقدّمة حقّة (٤).
وفيه : أنّ موافقة الحقّ لا تمنع الإنكار إذا كان الطريق منكرا.
والحقّ أن يقال : إنّ عدم الإنكار لما سبق منه مكرّرا ولم يقبلوا منه ، وكانوا مصرّين على حقّيّة القيافة ، تعرف أنّهم لا يقبلون منه.
فائدة
ربما ظهر من بعض الأصحاب حجّيّة حكم المعصوم عليهالسلام في الرؤيا قولا كان أو فعلا ؛ لما
__________________
(١ و ٢) أي إنكاره ثانيا.
(٣) حكاه القاضي عضد الدين في شرح مختصر المنتهى ١ : ١١٨.
(٤) المجيب هو القاضي عضد الدين في المصدر.