الباب الثاني
في المبادئ اللغويّة
وفيه فصول :
اعلم أنّ المبادئ على قسمين : تصوّريّة ، وتصديقيّة.
والاولى : تصوّر أشياء يتوقّف الشروع مع البصيرة عليه ، فالمبادئ التصوّريّة لعلم الاصول حدّه ، وحدّ موضوعه وأجزائه وجزئيّاته وأعراضه الذاتيّة ، وتصوّر غايته ومرتبته. وقد أشرنا إلى بعضها (١) ، وسنشير إلى بواقيها في مواضع تليق بها.
ومن جملة المبادئ التصوّريّة لهذا العلم تصوّر الأحكام الخمسة مع ما يتعلّق بها ؛ لأنّ الناظر فيه ينظر في أدلّتها ، ومقصوده إثباتها ونفيها ، فلا بدّ أن يكون متصوّرا لها. وهذا ما يعبّر عنه بـ « المبادئ الأحكاميّة ». ونذكرها في الباب الآتي (٢) إن شاء الله.
والثانية : مقدّمات يتوقّف الاستدلال في هذا العلم عليها. وهي قد تكون بديهيّة ، وقد تكون نظريّة مثبتة في علم آخر. فالمبادئ التصديقيّة لهذا العلم طائفة من مسائل : الكلام ، والعربيّة ، والمنطق. ووجه توقّفه عليها ظاهر.
وقد جرت عادة القوم بذكر بعض مسائل اللغة هنا ؛ لشدّة الاحتياج في هذا العلم إليها ،
__________________
(١) مرّ تعريفه في الفصل الأوّل ص ٢٩ ، وتعريف موضوعه وما يرتبط به في الفصل الثاني ص ٣٤ ، وبيان مرتبته وفائدته ومعرفته في الفصل الثالث ص ٣٥.
(٢) يأتي في الباب الثالث : ٩٥.