منها الإجماع ، وأقرّه النبيّ صلىاللهعليهوآله (١).
وبقوله صلىاللهعليهوآله : « بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ » (٢) وكذا « تعلّموا الفرائض وعلّموها ، فإنّها أوّل ما تنسى » (٣).
وقوله عليهالسلام : « خير القرون القرن الذي أنا فيه ، ثمّ الذي يليه ، ثمّ الذي يليه حتّى يبقى حثالة (٤) كحثالة التمر لا يعبأ الله بهم » (٥). دلّت هذه الأخبار على خلوّ الزمان من جمع تقوم الحجّة بقولهم (٦).
والجواب عن الأوّل : أنّ كون الكتاب تبيانا لكلّ شيء لا ينافي كون غيره أيضا تبيانا.
وعن الثاني : أنّه يختصّ بالمنازع فيه ، والمجمع عليه لا يفتقر إلى الردّ ، ولذا عدّ (٧) من أدلّة حجّيّة الإجماع ، كما سبق (٨).
وعن الثالث : أنّه منع لكلّ واحد لا للكلّ. وعلى فرض التسليم نقول : النهي لا يستلزم الوقوع.
وعن الرابع : أنّه لم يذكر الإجماع لعدم تقرّر مأخذ حجّيّته بعد.
وعن الأخبار الأخيرة : أنّها تدلّ على انقراض علماء الإسلام ، وحينئذ لا يتحقّق إجماع حتّى يكون حجّة.
والخبر الأوّل منها (٩) يدلّ ظاهرا على أنّ أهل الإسلام هم الأقلّون في ابتدائه وانتهائه ، وحينئذ لا يدلّ على المطلوب أصلا.
وإذا عرفت ذلك فلا يخفى عليك ما يتفرّع عليه من المسائل الوفاقيّة والخلافيّة ، وموارد
__________________
(١) كنز العمّال ١٠ : ٥٩٤ ، ح ٣٠٢٩١ ، ووسائل الشيعة ٢٧ : ٥٢ ، أبواب صفات القاضي ، الباب ٦ ، ذيل الحديث ٣٨.
(٢) كنز العمّال ١ : ٢٤٠ ، ح ١٢٠١.
(٣) المصدر ١٠ : ١٦٦ ، ح ٢٨٨٦٢ باختلاف يسير.
(٤) الحثالة : كلّ ما يسقط من قشر الشعير والأرزّ والتمر وكلّ ذي قشارة إذا نقّي. الصحاح ٣ : ١٦٦٦ ، « ح ث ل ».
(٥) جامع الاصول ٨ : ٥٤٧ ـ ٥٥١ ، ح ٦٣٥٥ ـ ٦٣٦٠ ، وكنز العمّال ١١ : ٥٢٦ ـ ٥٢٧ ، ح ٣٢٤٤٩ ـ ٣٢٤٥٧ باختلاف في العبارات.
(٦) حكاها جميعا الفخر الرازي في المحصول ٤ : ٥١ ـ ٥٣.
(٧) والضمير المستتر راجع إلى قوله : ( فَإِنْ تَنازَعْتُمْ .... )
(٨) تقدّم في ص ٣٦٣.
(٩) وهو قوله : « بدأ الإسلام غريبا ... ».