وتفريع بعض الفروع عليها ، وهو الذي يعبّر عنه بـ « المبادئ اللغويّة ». ونذكرها في هذا الباب إن شاء الله.
اللغة : كلّ لفظ وضع لمعنى. والحقّ أنّه ليس بين اللفظ والمعنى مناسبة ذاتيّة ـ كما ذهب إليه عبّاد بن سليمان الصيمري (١) ، وأهل التكسير (٢) ، وبعض المعتزلة (٣) ـ وإلاّ كان كلّ أحد عالما بكلّ لغة ، ولم يوضع لفظ واحد للنقيضين والضدّين ، كالقرء للطهر والحيض ، والجون للأسود والأبيض.
واستدلّ المخالف : بأنّه لو لم يكن بين اللفظ والمعنى مناسبة طبيعيّة لكان تخصيص هذا اللفظ بهذا المعنى ترجيحا بلا مرجّح (٤).
والجواب : أنّ المرجّح هو سبق المعنى إلى ذهن الواضع.
وهذا الجواب على ما نختاره ـ من أنّ اللغات اصطلاحيّة وواضعها البشر ـ صحيح.
وعلى مذهب التوقيف فالجواب أنّ المرجّح هو إرادة الواضع المختار. وهذا الجواب يتأتّى على ما اخترناه أيضا.
اختلف العلماء في أنّ اللغات توقيفيّة أو اصطلاحيّة؟
فذهب بعضهم إلى أنّها توقيفيّة (٥) ، أي وضعها الله تعالى ، ووقّفنا عليه بالوحي إلى الأنبياء ، أو بخلق أصوات تدلّ عليه ، وأسمعها واحدا أو جماعة ، أو بخلق علم ضروريّ بها.
وذهب بعضهم إلى أنّها اصطلاحيّة (٦) ، يعني أنّ واضعها البشر واحدا أو جماعة ثمّ حصل
__________________
(١) حكاه عنه الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ١ : ١٠٩.
(٢) أي أرباب علم التكسير.
(٣ و ٤) راجع الإحكام في أصول الأحكام ١ : ١٠٩.
(٥) منهم : ابن حزم في الإحكام في أصول الأحكام ١ : ٣٢ ، والآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ١ : ١١١.
(٦) نسبه الفخر الرازي إلى أبي هاشم في المحصول ١ : ١٨٢.