الدم واستباحة الفرج. وإن كان فيما لا يفوت ـ كأخذ الأعيان ـ كان حجّة. وفي كونه إجماعا وجهان (١).
إذا عرفت ذلك ، فاعلم أنّ الفروع له كثيرة ، وهي نوعان :
أحدهما : الأحكام التي صرّح بها بعض المجتهدين وسكت عنها الباقون ، كوجوب الخروج من الماء للمرتمس.
وثانيهما : ما يحدث من الأقوال والأفعال ، كالعقود ، والدعاوي ، وغيرهما من بعض الناس ، ويكون القطع فيها على طرف مشروطا بتصريح بعض آخر وسكت ، كما إذا عقد رجل فضولا وحضر المالك وسكت ، فإنّه لا يكون إجازة على ما اخترناه. وإذا قال : « هذا ولدي » فسكت ، فإنّه يلحقه ، خلافا للشيخ (٢). وإذا أتلف شيئا ومالكه ساكت ، يلزمه الضمان. وإذا ادّعى رقّ شخص في يده وباعه وكان الشخص ساكتا ، لم يلزم منه الاعتراف بالرقّيّة. وقس عليها أمثالها وهي كثيرة.
ومخالفة بعض الموارد للقاعدة ـ كالاكتفاء بسكوت البكر عن إذنها إذا استؤذنت ـ للأدلّة الخارجيّة.
فصل [١٢]
الحقّ أنّ الشهرة ليست حجّة بأن تصلح بمجرّدها دليلا للحكم ، ولكنّها تكون مؤيّدة ومرجّحة.
أمّا الأوّل ؛ فلعدم الدلالة على حجّيّتها ، ولاستلزامها عدمها (٣) ؛ لأنّ المشهور أنّ الشهرة ليست بحجّة.
وقرّب بعض أصحابنا حجّيّتها ، محتجّا بأنّه يمتنع عادة إفتاء كثير من العدول بغير علم (٤).
__________________
(١) حكاه الشهيد الثاني في تمهيد القواعد : ٢٥٣ ، القاعدة ٩٣. واعلم أنّه حكى الشوكاني جميع الأقوال المذكورة وأقوالا أخر في إرشاد الفحول ١ : ٢٢٣ ـ ٢٢٧. وإن كان الكتاب متأخّرا عن هذا الأثر أو مقارنا له ولكنّه مفيد للطالب المحقّق.
(٢) النهاية : ٦٨٤ ، باب الإقرار.
(٣) الفرق بين الوجهين أنّ الأوّل من قبيل عدم الدليل على حجّيّة الشهرة. والثاني من قبيل الدليل على عدمها.
(٤) حكاه الشيخ حسن عن بعض الأصحاب في معالم الدين : ١٧٥ ـ ١٧٦.